إذاً: إذا نُودِيَت (أَيّ) فهي نكرة مقصودة مبنية، هذا مُطَّرِد، يأتيك: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)) [البقرة:104] .. ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ)) [الأنفال:64] .. ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ)) [النساء:1] إعراب واحد، "أيُّ" مُنَادى نكرة مقصودة مبني، وما بعدها إما مُحلى بـ (أل) أو اسم إشارة، أو اسمٌ موصول. فهي نكرة مقصودة مبنية على الضم، وتلزمها (هاء) التنبيه مفتوحة، وقد تُضَمُّ لتكون عِوضَاً عَمَّا فاتها من الإضافة.

وتُؤَنَّث لتأنيث صفتها، يعني: (أيّ) تُؤَنَّث، فيقال: ((يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ)) [الفجر:27] .. (يا أيها) هذا الأصل، لم زِيدَت التاء؟ نقول: هذه التاء تاء التأنيث، لأن الموصوف مُؤَنث، فتقول: يا أيتها النفس .. يا أيها الرجل .. يا أيها الناس: هذا مُذَكَّر.

فإذا كان مُذَكَّر الموصوف ذُكِّرَت (أَيّ)، وإذا كان مُؤَنث أُنِّثَت (أَيّ) كقوله: ((يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ)) [الانفطار:6] .. ((يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ)) [الفجر:27] ويَلْزم تابعها الرفع، يعني: لا يكون منصوباً البتة.

إذاً: (أَيُّ) نكرة مقصودة مبنية، صفتها يكون مصحوب (أل) .. لا بُدَّ أن يكون مقروناً بـ (أل).

قوله: (صِفَهْ) ظاهره: أنه صفةٌ مطلقاً، يعني: سواءٌ كان مُشتقاً أو جامداً، ليؤول الجامد حينئذٍ بالمشتق.

(صِفَهْ) يا أيها الرجلُ .. يا أيها العاقل .. يا أيها الفاضل: هذا صفة وهو مشتق، جاء لا إشكَال فيه، يا أيها الرجلُ: هذا صفة، هو يقول: (بَعْدُ صِفَهْ): عام .. أطْلَق الناظم، حينئذٍ هل الرجل من الجامد الذي يؤول بالمشتق؟

وَانْعَتْ بِمُشْتَقٍّ كَصَعْبٍ وَذَرِبْ ... وَشِبْهِهِ كَذَا وَذِي وَالمُنْتَسِبْ

هل الرجل واحد مما ذكرناه من التسعة أو العشرة التي سبقت معنا في باب النعت؟ ليس منها إلا على مذهب ابن الحاجب: أنه لا يُشْترَط أن يكون النعت والصفة مشتقاً، وهذا يُنْسَب للمحققين: أنه لا يُشْترَط أن يكون مشتقاً، حينئذٍ يصح النعت بالرجل؛ لما فيه من معنى الرجولة.

على مذهب ابن الحاجب: يا أيها الرجل، لا إشكال صفة .. نعت، أمَّا على مذهب الجمهور: يا أيها الرجلُ .. (الرجل) هل هو جامدٌ مؤولٌ بالمشتق؟ قلنا: المؤوُل بالمُشتق لا بُدَّ أن يكون سماعي، لا نأتي بأي لفظٍ هكذا، نقول: مؤول بالمشتق، حينئذٍ نقول: (الرجل) ليس في تأويل المشتق، والناظم هنا قد أطلق.

إذاً قوله (صِفَهْ): ظاهره أنه صفةٌ مطلقاً، أي: سواءٌ كان مُشتقاً أو جامداً، حينئذٍ نحتاج إلى تأويل الجامد بالمشتق، إن أمكن فبها ونعمت، وإلا فيبقى إشكال.

وقيل: عَطْف بيان، يعني: لا نقول صفة ما بعد (أَل) يا أيها الرجل .. يا أيها الفاضل .. يا أيها العاقل، (الرجل) و (الفاضل) و (العاقل) عطف بيان وليس بصفة، يعني: مطلقاً سواءٌ كان مُشتقاً أو جامداً، ويَرِد عليه: أن عَطف البيان لا يكون إلا جامداً، ويا أيها العاقل، ويا أيها الفاضل، هذا محل إشكال.

وقيل: عطف بيان، وقيل .. وهو قولٌ ثالث: إن كان مُشتقاً فهو نَعْت، وإن كان جامداً فهو عَطْف بيان! إن كان مشتقاً نحو: يا أيها الفاضلُ فهو نعت، وإن كان جامداً، نحو: يا أيها الرجلُ فهو عطف بيان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015