فأُلحقا بالمفرد حيث كانا تابعين غير مستقلين، ونُظر إليهما في الاستقلال بانفكاكهما عن المفرد، إذاً: هذا له جهة وله جهة.
ولم يُلحقا به إذا نُودي مستقلين محافظةً على إعرابهما الذي هو الأصل .. الأصل فيه: أنه مُعْرَب، لأنه مضاف فلا يُبْنى، فأُلحقا به تابعين لمشابهتهما له مع حُصول الإعراب لفظاً وتقديراً، يعني: أُلحقا به وأعطيا الرفع لكنه صورة، وإلا في الحقيقة فهما مُعْربان، لأن الإعراب يكون مُقدَّراً.
وهذا في حالة رفعهما على القول بأن الحركة إتباع لا إعراب، وهذا هو الصحيح: أن الحركة إتباع لا إعراب، ولم يُلحقا به مستقلين محافظةً على الإعراب، فَرُوعي الإعراب في الحالين، ودخل في المفرد هنا نعت النكرة المقصودة، مُعَرَّفاً بـ (أل) أولا، فيجوز حينئذٍ أن يُقال: يا رجل العاقلُ والعاقلَ، (العاقلُ) بالرفع ليست هذه حركة بناء، وإنما هي حركة إتباع، و (العاقلَ) اعتباراً بالمحل، ويا رجلُ عالمٌ وعالماً .. (عالمُ) بدون تنوين، و (عالماً) باعتبار المَحلِّ.
فإن نَصَبْت (رجلاً) .. يا رجلاً، حينئذٍ جاز، لجواز نَصْب النكرة المقصودة الموصوفة تَعيَّن نصبه.
(قولٌ): أن النكرة المقصودة إذا نُعِتت جاز نصبها: يا رجل خُذْ بيدي، قيل: إذا نُعِتَ (يا رجل) جاز نصبها، لكنه غير مشهور.
إذاً: (وَمَا سِوَاهُ) قلنا: سوى المضاف المقرون بـ (أل)، (انْصِب أَوِ ارْفَعْ): يجوز فيه الوجهان: النَصْب والرفع، وهنا قَدَّم النصب على الرفع، لكن ظاهره لمَّا أتى بـ (أو) أن الوجهين على السواء.
(انْصِب أوِ ارْفَعْ): النَصب واضح باعتبار المحل، (أَوِ ارْفَعْ) ظاهره: أن رفع التابع إعرابٌ، لأنه قال (ارْفَع)، وهذا إنما يُعَبَّر به في الإعراب، حينئذٍ يَرِد السؤال: ما العامل؟ هذا مَحلُّ إشكال، لا جواب عليه إلا أن نقول: ليست الحركة حركة إعراب، وإنما هي حركة مُشاكَلة .. متابعة، حينئذٍ تُقدَّر الحركة عليه، يُقال: هو منصوبٌ تابعٌ .. نعتٌ مثلاً منصوبٌ وعلامة نصبه الفتحة المُقَدَّرة، منع من ظهورها اشتغال المحل بِحركة الإتباع أو المُشاكَلة.
قوله: (أَوِ ارْفَعْ) ظاهره أن الرفع .. رفع التابع إعرابٌ، واستُشكل بأنه: لا عامل هناك يقتضي رَفْع التابع، بل هناك ما يقتضي نَصْبَه وهو (أدعو) .. أدعو زيداً، حينئذٍ نقول: وُجِدَ ما يقتضي النصب، ولم يُوجَد ما يقتضي الرفع، وحينئذٍ ما وجه الرفع؟
لا عامل هناك يقتضي رفع التابع، بل هناك ما يقتضي نصبه وهو: (أدعو) فقيل: العامل مُقدَّرٌ من لفظ عاملٍ متبوعٍ مبنياً للمجهول، وهذا تَكَلُّف! أن يكون كل لفظ رُفِع فيه المقرون بـ (أل) وهو تابع، أو المفرد، حينئذٍ نُقَدِّر له عامل، نقول: هذا فيه تَكَلُّف، وخاصةً إذا كان مبنياً للمجهول، ومن لفظ المتبوع، وهذا فيه تَكَلُّف، ويؤدي إلى التزام قَطْع التابع.
وقيل: حركته حركة إتباع لا إعراب ولا بناء وهذا هو الصحيح.
إذاً: (وَمَا سِوَاهُ) يعني: سوى التابع مِنْ تابع المضموم خَاصةً المُستَكمِل للشروط المذكورة السابقة وهما: الإضافة، والخلو من (أل)، وذلك شيئان: المضاف والمقرون بـ (أل)، والمفرد.