ومَحلُّ وجوب نصب التابع المضاف - أطْلَق الناظم هنا - قال: (المُضَافَ) إذاً: كل تابعٍ مضاف (أَلزِمْهُ نَصْباً) يَجِّب فيه النصب، حينئذٍ يَعُمُّ ماذا؟ يَعُمُّ الإضافة المحضة والإضافة اللفظية.
ومَحل وجوب نصب التابع المضاف إذا كانت إضافته محضة، وإلا جاز رفعه إذا كانت إضافته لفظية، ولكن إنما يُنْعَت المُنَادى المضموم - مبني - بمضافٍ إضافةٍ غَيْرِ محضة إذا كان نكرة مقصودة، إذ يجوز نعتها بالنكرة لكون تعريفها طارئاً، فلا يُقال حينئذٍ: كيف النكرة المقصودة وهي معرفة تُنْعَت بالنكرة؟ نقول: لا، هنا رُوعِي الأصل، التعريف هنا طارئ، وهذا التعريف لم يَمنع أن تُنْعَت النكرة المقصودة بالنكرة، فيجوز نَعْت النكرة المقصودة - وهي معرفة بعد النداء - بالنكرة.
فلا يُقال: كيف يُنْعَت المضموم بالمضاف إضافةً غير محضة، مع كون المنعوت معرفةً والنعْت نكرة؟ ومثل المضاف هنا: الشبيه بالمضاف، فيَتَعيَّن نصبه، وجَوَّز الرضِي رفعه، وجَوَّز السيُوطي رفع المضاف إضافةً غير محضة لأنها على تقدير الانفصال.
إذاً قوله: (المُضَافَ) ليس على إطلاقه، وإنما المُراد به .. مَحلُّ الوجوب إذا كانت الإضافة محضة خالصة، وأما غير المحضة فمحل خلاف، منهم من جَوَّز الرفع، ومنهم من أوجب النصب، فمحل نزاع.
(تَابِع ذِي الضَّمِّ المُضَافَ دُونَ أَلْ) يعني: أن يكون دون (أل) يعني: غير مقرون بـ (أل)، أشار به إلى أن المُراد بالتابع: ما عدى البدل والنسق بقرينة المقابلة.
(أَلزِمْهُ نَصْبا)، إذاً: بهذين الشرطين: أن يكون مضافاً، وغير مقرون بـ (أل)، (أَلزِمْهُ نَصْباً) يعني: يجب نصبُه، نَصْباً مراعاةً لأي شيء؟ للمحل، لأن (ذِي الضَّمِّ) من حيث اللفظ مبني، ومن حيث المحل مُعْرَب فهو منصُوب، إذاً: (أَلزِمْهُ نَصْباً).
(كَأَزَيدُ ذَا الحِيَل) .. (أَزَيدُ ذَا الحِيَل): صاحب الحيل، ولا يصح (أَزَيدُ ذَو الحِيَل) اعتباراً باللفظ، يعني: لا يجوز أن يُعْرَب بحركة أو حرف لمشاكلة حركة المبني، وهو لا يكون مبنياً، وإنما إذا أُعرب الثاني سيأتينا: (وَمَا سِوَاه انْصِب أَوِ ارْفَعْ)، الرفع لا يكون بناءً في الثاني، وإنما يكون من باب الإتباع .. حركة مشاكلة فحسب، وإلا ليس مبنياً إلا في البدل وعطف النسق.
(كَأَزَيدُ ذَا) ذَا: هذا نعت صفة، (ذَا الحِيَل): هذا في النعت.
(أو بياناً) نحو: يا زيد عائِدَ الكلب، (أو توكيداً): يا زيد نَفْسَه، هنا يَتعيَّن النصب .. يجب: يا زيد نفسه، ويا تَميم كلهم أو كلكم، يجوز أن يكون الضمير هنا بالخِطَاب وبالغيبة.
إذاً: (أَلزِمْهُ نَصْباً) نعتاً كان: (كَأَزَيدُ ذَا الحِيَل)، أو بياناً - عطف بيان - نحو: يا زَيدُ عائد الكلب، أو توكيداً، نحو: يا زَيد نفسه بوجوب النصب، ويا تميمُ كلهم، إذا كان توكيداً .. كلهم أو كلكم، يجوز فيه الوجهان، لماذا؟ لأن المُنَادى إذا كان اسماً ظاهراً صار له جهتان:
جهة كونه مُنَادى، وهذا يقتضي الخِطَاب.
وجهة كونه اسماً ظاهراً، والاسم الظاهر من أنواع الغَيْبَة، حينئذٍ لك أن تَعْتبِر الخطاب، فتقول: كلكم .. يا تميم كلكم، ولك أن تَعْتبِر أن الاسم الظاهر هذا غَيْبَة: يا تميم كلهم، يجوز فيه الوجهان.