هنا قال: مُرادهم بكون البدل في نية الطرح أنه مستقلٌ بنفسه لا متممٌ لمتبوعه، كالتأكيد والصفة والبيان لا إهدار الأول بخلافه في البيان، فليس المراد به: أنه في نية الطرح، بل هذا مقصود وهذا مقصود، إلا أن قَصْدَه في البيان قَصَد تتميم ومُكَمِّل لسابقه، وليس قصداً مستقلاً.

العاشر: كون حذفه في البدل جائزاً عند بعضهم.

وخُرِّجَ عليه: ((وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ)) [النحل:116] .. تصفه ألسنتكم الكذب، الكذب: هذا بدل من الضمير المحذوف. فجُعِلَ الكذب بدلاً من الضمير المحذوف، أي: تصفه، بخلافه في البيان، لا يكون المتبوع محذوفاً، إذاً: إذا قيل: (وَصَالِحاً لِبَدَلِيَّة يُرَى) حينئذٍ لا بُدَّ من التفريق بين البدل وعطف البيان.

قال رحمه الله تعالى: (النِّدَاءُ).

هذا شروعٌ منه في ما يتعلق بالنداء، وله فصول متتالية ستأتينا إن شاء الله باباً باباً، والأصل فيها: النداء الذي هو: الدعاء، النداء: نداء بالمد، هذا فيه ثلاث لغات النداء، كما سبق عند قوله:؟؟؟ وجاء معنا أيضاً: (وَوَلِيَ اسْتِفْهَاماً أوْ حَرْفَ نِدَا) هذا الموضع الثاني.

النِدَاءُ: فيه ثلاث لغات، أشهرها: كَسْرُ النون مع المد (نِدآ)، ثُمَّ مع القصر (النِّدا) يعني: يجوز قصره، ثُمَّ ضَمُها مع المد (النُّدآ) هذه لغةٌ ثالثة.

واشتقاقه، أي: أخذه من ندى الصوت، أصله: نَدِيَ كفرِحَ، ندا الصوت وهو: بُعْدُه؛ لأن النداء أصله: رفع الصوت، ندي صوته يندى من باب فَرِحَ يَفْرَحُ، إذا ارتفع وعلا.

إذاً: مأخوذٌ من: فلانٌ أندى صوتاً من فلان، إذا كان أبعد صوتاً منه وأرفع صوتاً، هذا من حيث الاشتقاق.

وأمَّا في اللغة: فهو الدعاء بأي لفظٍ كان، سواءٌ كان بحرف، أو كان باسمٍ، أو كان بفعلٍ مطلقاً، بل ولو لم يكن بلفظٍ، وإنما كان بإشارة، فيُسمى: دعاءً، إذاً المرادُ بالنداء في اللغة: الدعاء بأي لفظٍ كان، بل ولو لم يكن بلفظٍ.

واصطلاحاً عند النحاة: هو طلب الإقبال بحرفٍ ناب مناب: أدعو، ملفوظٍ به أو مُقَدَّر .. طلبُ الإقبال، إذاً فيه طلب، الطلبُ هو الدعاء، والدعاء هو الطلب، بحرفٍ: هذا جار مجرور مُتَعلِّق بقوله: طلب لأنه مصدر.

طلب الإقبال بحرفٍ، إذاً: لا باسمٍ ولا بفعلٍ، خَرَجَ: أدعو زيداً .. أُنادي زيداً، هل هذا نداء في اللغة؟ يُعْتَبرُ نِداءً لأنه دعاء بأي لفظٍ كان بفعلٍ أو حرفٍ: زيدٌ مطلوبٌ إقباله، هذا نِداء، وهو حاصل بالاسم، إقبال زيدٍ مطلوبٌ، نقول: هذا نِداءٌ لكنه بالاسم بل والجملة، وأمَّا: أدعو زيداً، وأنادي زيداً، فهذا في اللغة يُسمى: نِداءً، لكن في الاصطلاح لا يسمى نِداء، ولذلك قيل: بحرفٍ، إذاً: أخْرَجَ ما إذا حصل النداء بالاسم أو بالفعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015