قوله: (النَّعْتُ) أي: الحقيقي، لأنه يجب في البيان أن يكون كالمبيَّن في الإفراد والتذكير وفروعهما، كالنعت الحقيقي بخلاف السببي، وهذا مُجمعٌ عليه .. متفقٌ عليه بين النحاة، أي: وجوب مطابقة البيان والمبيَّن تعريفاً وتنكيراً وإفراداً وتذكيراً وغيره، فهذا متفقٌ عليه.
(فَأَوْلِيَنْهُ مِنْ وِفَاقِ الأَوَّلِ) أي: موافقة الأول المتبوع، أي: أعطينه ما النَّعْتُ أي: الحقيقي وليه، أي: أخذه من موافقة الأول، -هذا شرحٌ لحل البيت-، أعطينه ما النعت أي: الحقيقي، وليه أي: أخذه من موافقة الأول.
(فَقَدْ يَكُونَانِ مُنَكَّرَيْنِ) هذا مختلفٌ فيه، هل يشترط في عطف البيان أن يكون في المعارف أو يجوز في النكرات؟ الصواب: الثاني، أنه يجوز في النكرات، ولذلك قال:
فَقَدْ يَكُونَانِ مُنَكَّرَيْنِ ... كَمَا يَكُونَانِ مُعَرَّفَيْنِ
فَقَدْ: هذه للتفريع على قوله (فَأَوْلِيَنْهُ) .. تفريع على قوله: (فَأَوْلِيَنْهُ)، (فَقَدْ يَكُونَانِ) يعني: العطف ومتبوعه، يَكُونَانِ هذا فعل مضارع ناقص، والألف اسمه، مُنَكَّرَيْنِ خبر، والمراد بالألف هنا: عطف البيان ومتبوعه، قَدْ يَكُونَانِ مُنَكَّرَيْنِ .. كلٌ منهما نكرة، كقوله: ((مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ)) [إبراهيم:16] ماء: متبوع .. مبيَّن، وصديد: هذا عطف بيان، إذاً: وقعا نكرتين.
(كَمَا يَكُونَانِ) الكاف هذه للتشبيه، وما: مصدرية، (يَكُونَانِ) أي: عطف البيان ومتبوعه، مُعَرَّفَيْنِ وهذا متفق عليه .. المعرفان، وإنما وقع النزاع في التنكير، ولذلك عكس في التشبيه، يعني: الكاف هنا دخلت على المتفق عليه، والأصل العكس.
أشار بإتيانه بكاف التشبيه المفهمة للقياس الشبهي بل الأولي، لماذا الأولي؟ لأن احتياج النكرة إلى البيان أشد من غيرها، فإذا احتجنا أن يُبيِّن المعرفة فكذلك نحتاج أن يُبيِّن النكرة، بل هي أولى.
إذاً: (فَقَدْ يكُونَانِ مُنَكَّرَيْنِ) أن يكون عطف البيان والمتبوع كلٌ منهما نكرة، بل هو أولى من المعرفة، لأن النكرة أشد احتياجاً وافتقاراً إلى البيان من المعرفة، المعرفة كاسمها معرفة. إذاً: أشار بإتيانه بكاف التشبيه المفهمة للقياس الشبهي بل الأولي، أشار إلى خلاف من منع إتيانهما نكرتين، لأن ثَمَّ من نازَع.
(فَقَدْ يكُونَانِ مُنكَّرَيْنِ) لماذا؟ قالوا: لأن النكرة تقبل التخصيص بالجامد، النكرة ليست على مرتبة واحدة، قلنا: نكرة محضة ونكرة غير محضة، يعني: مخصصة، ثم التخصيص مراتب، إذاً: قد يُبيَّن المُخَصِّص المُخَصَّص، يعني: مُخَصَّص بأعلى، مُخَصَّص بأدنى، وقد يُبيِّن المُخَصَّص النكرة المحضة، إذاً: ليست على مرتبة واحدة، لأن النكرة تقبل التخصيص بالجامد، كما تقبل المعرفة التوضيح به، نحو: لبست ثوباً جبةً، ثوباً: هذا مفعولٌ به، جبةً: هذا عطف بيان، بَيَّن الثوب ما هو؟ جبةً، الثوب عام.