ويجب جموده ولو تأويلاً، وبذلك يقابل النعت، والمراد بالجامد تأويل العلم الذي كان أصله صفةً فغلبت يعني: العلمية، "ولا يشترط كونه أخص من المتبوع أو غير أخصٍ في الأصح " هكذا نص عليه السيوطي في جمع الجوامع، ولا يكون عطف البيان مضمراً وفاقاً، يعني: لا يقع عطف البيان ضميراً، ولا تابعاً للمضمر على الصحيح، لأنه في الجوامد نضير النعت في المشتق، وجَوَّزه بعضهم في نحو: قاموا إلا زيداً، زيداً بيان للمضمر في قاموا، ولا يكون جملةً ولا تابعاً لها، لا يقع جملةً تابعاً عطف البيان، ولا تكون الجملة معطوفاً عليها بالبيان، يعني: لا يأتي عطف البيان عطفاً لجملة، وهو لفظٌ مفرد ولا العكس.
قال هنا الشارح: " وعطف البيان هو التابع الجامد المشبه للصفة " هذا تنكيت على الناظم، وهو قوله: التابع الجامد، يعني: يرد على حد الناظم بكونه لم يبيِّن أن عطف البيان يشترط فيه أن يكون جامداً، فنكت عليه فقال: التابع الجامد المشبه للصفة، انظر شِبْهُ الصِّفَةْ أبقاها كما هي، وزاد عليه: الجامد، وهذا جيد.
المشبه للصفة: أشبهه في ماذا؟ فَسَّره ابن عقيل في إيضاح متبوعه وعدم استقلاله، نحو: "أَقْسَمَ بِاللَّهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرْ"، أَقْسَمَ: فعلٌ ماضي، وبِاللَّهِ: جار ومجرور متعلق بقوله: أَقْسَمَ، أَبُو حَفْصٍ: فاعل، عُمَرُ: بالرفع في الأصل عطف بيان، لأن "أبو حفص" هذا ما هو واحد، اثنين .. ثلاثة .. عشرة، فإذا قال: جاء أبو عبد الله، من هو أبو عبد الله؟ يحتمل، فإذا قال: جاء أبو عبد الله زيد، حينئذٍ تعين، حصل كشف وإيضاح لما سبق، فعمر: عطف بيان لأنه موضحٌ لأبي حفصٍ.
فخرج بقوله الجامد: الصفة، لأنها مشتقةٌ أو مؤولة به، وخرج بما عدا ذلك التوكيد وعطف البيان، لأنهما لا يوضحان متبوعهما، والبدل الجامد لأنه مستقل، الجامد البدل لأنه على إعادة العامل، سيأتي أنه جملة مستقلة، وأمَّا التوكيد وعطف النسق فلا يوضحان استقلالاً، وإلا يقع بهما التوضيح، ولكنه يكون تبعاً، يعني: ليس المقصود أصالةً بالتوكيد وعطف النسق أن يكون موضحاً، أي: لا يؤتى بواحدٍ منهما لقصد الإيضاح أو التخصيص استقلالاً، فإن أفاد واحدٌ منها شيئاً من ذلك كعطف أحد المترادفين على الآخر عطف نسق، وكبدل الكل من الكل فإن هذه الفائدة ليست مقصودة، لأن بدل الكل من الكل وإن أفاد الإيضاح، إلا أنه ليس هو الأصل، إذا قلت: جاء زيدٌ أخوك، على أن يكون أخوك هو بدل، فحينئذٍ نقول: حصل به إيضاح، جاء أخوك زيدٌ، زيدٌ: بدل من أخوك، حصل به إيضاح أو لا؟ حصل به الإيضاح، لكن ليس هو القصد الأصلي في البدل، وإنما هو القصد الأصل يكون في عطف البيان.
فَأَوْلِيَنْهُ مِنْ وِفَاقِ الأَوَّلِ ... مَا مِنْ وِفَاقِ الأَوَّلِ النَّعْتُ وَلِي
سبق أن النعت الحقيقي يجب أن يوافق متبوعه في اثنين من عشرة، أو أربعة من عشرة، في اثنين من خمسة هذا عام، والنعت الحقيقي: في أربعة من عشرة.