(مُكَرَّراً) هذا حالٌ من فاعل: (يَجِي) حال كونه مكرراً، والتكرار هو الإعادة، ولذلك قلنا في حد التوكيد اللفظي إعادة اللفظ الأول بعينه، أو إعادة اللفظ أو تقويته بموافقه معنىً، إذاً: متضمنٌ لمعنى الإعادة، والتكرار هنا لا يزيد على ثلاث مرات، هذا يكاد أن يكون اتفاق بين النحاة والبيانيين، بل قيل: المكرر يكون مرتين، وقيل: ثلاثاً، ولا قائل بالزيادة، أمَّا مرتين أو ثلاثة، حينئذٍ يصح أن يُقال: قام زيدٌ زيدٌ، قام زيدٌ زيدٌ زيدٌ، إذا أردت التأكيد القوي فتعيد مرة ثالثة، مكرراً ثلاث مرات فقط لاتفاق على أنه لم يقع في لسان العرب أزيد منها، والتكرار هنا لفظاً ومعنىً أو معنىً، ليشمل النوعين اللذين ذكرهما في حد التوكيد اللفظي، لأننا قلنا: إعادة اللفظ الأول بعينه أو بموافقه، يعني: مرادفه في المعنى، إذاً: التكرار حصل لشيءٍ لفظي ومعنوي، وحصل لشيءٍ معنوي فحسب.

إذاً قوله: مكرراً لفظاً ومعنىً كـ قام قام زيد، أو معنىً فحسب نحو: أَنْتَ بِالخَيْرِ حَقِيقٌ قَمِنٌ، هنا أعيد وكرر لكن بالمعنى دون اللفظ.

(كَقَوْلِكَ ادْرُجِي ادْرُجِي) كَقَوْلِكَ: الكاف هنا للتشبيه .. مثال، إذاً ليست استقصائية، (كَقَوْلِكَ ادْرُجِي ادْرُجِي) (ادْرُجِي) هذا فعل أمر، والياء فاعل، كأنه قال: اركعي اركعي، الياء هذه فاعل، تركعين تركعين .. تدرجين تدرجين، إذاً: (ادْرُجِي ادْرُجِي) أي: اقربي اقربي، أو ادْرُجِي يعني: اصعدي الدرج، الدرج: جمع درجة وهي المرقاة .. السُلَّم، (ادْرُجِي ادْرُجِي) يعني: اصعدي الدرج، هل هذا من توكيد الجملة، أو من توكيد الفعل، أو من توكيد الضمير؟ يحتمل الثلاث، لكن ظاهر صنيع الناظم هنا: أنه من توكيد الجملة، لأن ادْرُجِي: هذا فعل وفاعل، فأعاده مرةً ثانية لأن أكثر ما يقع التوكيد اللفظي في الجمل كما سيأتي، ولذلك نحمله على الأكثر والأشهر أولى.

هذا المثال: (ادْرُجِي ادْرُجِي) يحتمل أن يكون من تأكيد الجملة وهذا ظاهر بيِّن، بل الظاهر هذا مراد الناظم، وعليه حمله الأشْمُوني، وأن يكون من تأكيد الضمير المتصل وهو معلومٌ من البيت الآتي وداخلٌ فيه فيكون تكرار، والأولى عدم حمله على هذا، وأن يكون من توكيد الفعل فقط - السِيُوطي حمله على الثاني لكنه مرجوح – وأن يكون من توكيد الفعل فقط: قام قام زيد، (ادْرُجِي ادْرُجِي) إذا قال: ادْرُجِي، لمَ أعاد الضمير مرةً أخرى؟ قال: لئلا يوهم أن المخاطب مُذَكَّر، لو قال: ادرجي ادرج، قد لا يفهم أن الثاني توكيداً للأول، لماذا؟ لأن الأول خطاب للمؤنث والثاني خطاب للمُذكَّر، لئلا يتوهم متوهم هذا أعاد مرةً ثانية الضمير المتصل، فقال ادْرُجِي ادْرُجِي، فيكون من باب توكيد الفعل مثل: قام قام زيدٌ، وهذا كذلك محتمل.

أن يكون من تأكيد الفعل فقط، وجيء بالضمير معه لئلا يلتبس بأمر المخاطب، الثاني توكيدٌ للأول ادْرُجِي .. ادرج هذا الأصل، لكن أعاد الضمير لئلا يلتبس أنه توكيدٌ والفاعل المخاطَب وليس الأمر كذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015