وَالاسْمُ مِنْهُ مُعْرَبٌ: قدم ما قدمه في الترجمة، ثم لما أراد أن يعلل ويسرد، قال: وَمَبْنِي لِشَبَهٍ مِنَ الْحُرُوفِ مُدْنِي: علل المبني، ثم ذكر أنواع المبني، قدم في الترجمة المعرب لشرفه، وفي التقسيم كذلك قدم المعرب لشرفه، ثم لما أراد أن يفصل المعربات كثيرة، والمبني يمكن حصره، ولذلك حصره في بيتين، وكل ما سيأتي مختص بالمعربات، حينئذٍ ما كان محصوراً الأولى أن يقدم في العرض على ما لم يكن محصوراً.

حينئذٍ نقول: أوجه الشبه، هذه محصورة في ثلاثة أو أربعة، حينئذٍ قدمها لمناسبة سرعة الإنهاء من هذه الأسباب، ثم يشرع بعد ذلك في المعربات، إذاً: بدأ في التقسيم بالمعرب لشرفه، ثم بدأ بالتعليل للمبني، ثم ذكر أوجه الشبه، ثم بعد ذلك شرع في بيان معرب الأسماء.

كذلك يقال: التعليل في جهة المبني وجودي، وهنا عدمي، والوجودي أشرف من العدمي، ولذلك قدم التعليل للمبني لهذه العلة.

وفي التعليل بالمبني لكون علته وجودية، وعلة المعرب عدمية، والاهتمام بالوجودي أولى من العدمي، وأيضاً لأن أفراد معلول علة البناء محصورة بخلاف علة الإعراب، فقدم علة البناء ليبين أفراد مدلولها.

إذاً: المحصور مقدم على غير المحصور.

وَمُعْرَبُ الأَسْمَاءِ مَا قَدْ سَلِمَا ... مِنْ شَبَهِ الْحَرْفِ: هنا صرح الناظم بتعريف معرب الأسماء، مع كونه يمكن فهم هذا التعريف مما سبق؛ لأنه قال:

وَالاِسْمُ مِنْهُ مُعْرَبٌ وَمَبْنِي ... لِشَبَهٍ مِنَ الْحُرُوفِ مُدْنِي

مفهومه: أن ما لا يشبه الحرف أو سلِم من شبه الحرف فهو معرب، إذاً: لماذا صرح هنا بما يفهم ضمناً في السابق؟ نقول: توطئةً لتقسيم المعرب إلى ما إعرابه ظاهراً وما إعرابه تقديراً، إذاً: صرح الناظم نقول: بتعريف معرب الأسماء مع انفهامه من تعريف المبني فيما سبق توطئةً لتقسيمه إلى ظاهر الإعراب ومقدره؛ لأنها قال: كأرض وسُما، زاد فائدةً، كأرض وسُماء، أرض: هذا إعرابه ظاهر، وسما: كهدى مقصور، هذا إعرابه مقدر.

وَمُعْرَبُ الأَسْمَاءِ: معرب هذا مضاف مبتدأ وهو مضاف والأسماء مضاف إليه، والإضافة على معنى: من، يعني: معرب من الأسماء؛ لأن الأسماء ليست كلها معربة، بل بعضها معرب، وبعضها الآخر مبني، إذاً: الإضافة على معنى: من، وضابطها موجود هنا وهو أن يكون بين المضاف والمضاف إليه عموم وخصوص من وجه، يعني: كل معرب في هذا الباب اسم، والكلام في معربات الأسماء،-ليس على الإطلاق-، وليس كل اسم يكون معرباً.

وَمُعْرَبُ الأَسْمَاءِ (مَا) .. هذه واقعة على اسم، اسم موصول بمعنى: الذي، خبر معرب، مفهومها ومصدقها: اسم قد سلما، الألف للإطلاق، من شبه الحرف: هذا تعريف للمعرب، إذاً: ما هو المعرب؟ هو الاسم الذي سلم من شبه الحرف، الشبه المذكور السابق، يعني: الشبه المدني من الحرف، وليس مطلق الشبه، لماذا؟ لأن: أي الشرطية، قلنا: هذه معربة، هل سلمت من شبه الحرف؟ لا، لم تسلم من شبه الحرف، وكذلك: اللذان واللتان، وأي الموصولة لم تسلم من شبه الحرف، ومع ذلك قلنا: معربة، كيف نقول: المعرب هو الذي سلم من شبه الحرف، ثم نقول: (أيٌّ)، لم يسلم من شبه الحرف؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015