أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ عرفنا مما يشتق، وعرفنا إذا انتفى شرط من شروطه كيف نتوصل إليه، هو على ثلاثة أحوال بعد ذلك، أفعل التفضيل أكثر مسائله المشهورة متفق عليها، ولذلك ابن عقيل لم يذكر خلافا إلا يسيراً، كذلك في أوضح المسالك كذلك في الأشموني.

المسائل المشهورة الشهيرة التي نظمها الناظم متفق عليها في الجملة وليس فيها خلاف.

وَأَفْعَلَ التَّفْضِيلِ صِلْهُ أَبَدَا ... تَقْدِيراً أَوْ لَفْظاً بِمِِنْ إِنْ جُرِّدَا

(وَأَفْعَلَ التَّفْضِيلِ) منصوب على أنه مفعول به لفعل يفسره بعده صل أفعل التفضيل.

(صِلْهُ) الضمير لو أُسقِط هنا لنصب أفعل التفضيل، إذاً من باب الاشتغال.

إِنْ مُضْمَرُ اسْمٍ سَابِقٍ فِعْلاً شَغَلْ ... عَنْهُ بِنَصْبِ لَفْظِهِ أَوِ الْمحَلْ

فَالسَّابِقَ انْصِبْهُ بِفعْلٍ أُضْمِرَا ... حَتْماً مُوَافِقٍ لِمَا قَدْ أُظْهِرَا

إذاً: (وَأَفْعَلَ التَّفْضِيلِ) نقول: هذا مفعول به لفعل محذوف وجوباً يفسره المذكور وهو صِلْ الذي بعده.

(صِلْهُ أَبَدَا)، صِلْ هذا فعل أمر، والفاعل أنت ضمير مستتر وجوباً، والضمير هنا في محل نصب مفعول به.

(أَبَدَاً) منصوب على الظرفية، وجملة صِلْ هذه لا محل لها من الإعراب.

(تَقْدِيراً اَوْ لَفْظاً) تَقْدِيراً اوْ بدون همزة؛ لأن أَوْ حرف والهمزة في الحرف همزة قطع إلى، أم، أو .. هذه كلها همزة قطع، حينئذٍ الأصل فيها الذكر.

(تَقْدِيراً أَوْ لَفْظاً) يعني: مقدراً أو ملفوظاً بِمِِنْ، صله بمن.

(بِمِِنْ) جار ومجرور متعلق بقوله: صِلْ.

(إِنْ جُرِّدَا) هذا إشارة إلى الحالة الأولى وهي أن يكون أفعل التفضيل مجرداً؛ لأن أفعل التفضيل باستقراء كلام العرب لا يخلو عن ثلاثة أحوال: إما أن يجرد عن أل والإضافة، أفضلُ، أعلمُ .. زيدٌ أعلمُ من عمروٍ، مجرد، يعني لا تدخل عليه أل ولا يضاف.

الثاني: أن يكون محلىً بأل، زيدٌ الأفضلُ .. دخلت عليه أل.

ثالثاً: أن يضاف، وإذا أضيف إما أن يضاف إلى معرفة أو إلى نكرة، وكلاهما داخلان تحت قسم واحد زيدٌ أفضلُ الناس، وزيدٌ أفضلُ رجلٍ أضيف إلى نكرة وأضيف إلى معرفة.

إذا جرد عن أل والإضافة فله حكمان: الحكم الأول أشار إليه بهذا البيت وهو: أنه يجب أن يوصل بمن جارة للمفضول عليه، فتقول: زيدٌ أعلمُ من عمروٍ، هذا المراد. إذا جرد عن أل والإضافة تقول: زيدٌ أعلمُ ما تسكت هكذا، وإنما تقول: من عمروٍ .. من عمروٍ هذا جار ومجرور متعلق بقوله: أعلم.

هل هو واجب الذكر؟ نعم، واجب الذكر، وإذا حذف لا بد من تقدير يكون منوياً، وإذا قدر المقدر كالموجود.

إذاً أفعل المجرد له حكمان: الحكم الأول الذي ذكره هنا بقوله: صله بمن إن جرد من أل والإضافة، جارة للمفضول، من هو المفضول؟ الذي بعده، والسابق يكون مفضلاً، إذاً عندنا مفضل ومفضل عليه واسم تفضيل، أفعل التفضيل تقع بينهما، والمفضل والمفضل عليه، والأصل في المفضل والمفضل عليه عدم اتحادهما، بمعنى أن يكون المفضل مغايراً للمفضل عليه، زيدٌ أكرمُ من عمروٍ، ما تقول: زيد أكرمُ من زيدٍ هو عينه، هذا إلا في مسألة الكحل الآتية وهي قليلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015