والمَعْنَوِيِّ، يعني: وكالشبه المعنوي، ما المراد بالشبه المعنوي؟ أي: شبه الاسم له في المعنى، -أشبه الاسم الحرف في المعنى-، أن يكون الاسم قد تضمن معنىً من معاني الحروف، لا بمعنى أنه حل محلاً هو للحرف كتضمن الظرف لمعنى في، والتمييز لمعنى من، بل بمعنى أنه خلف حرفاً في معناه، أودي بهذا الاسم معنىً كان حقه أن يؤدى بالحرف، عندنا معاني، والتي هي معاني المصادر، الأصل بالاستقراء والتتبع وهذا مسلم، أن النفي هذا معنى من المعاني، الأصل فيما يؤدي هذا المعنى أن يكون حرفاً وهو ما أو لا، والأصل في الاستفهام وهو معنىً من المعاني أن يؤدى ويعبر عنه بحرف لا باسم هذا الأصل، وكذلك النفي، وكذلك التمني والترجي، والخطاب والتكلم، الأصل فيها أنها تؤدى بالحروف، وهذا باستقراء كلام العرب وهو مسلم.
فالأصل في التمني: (ليت)، والأصل في الترجي: (لعل)، والأصل في النفي: (لا)، والأصل في الشرط: إن، أليس كذلك؟ فحينئذٍ هذه المعاني أديت بحروف، إذا أدي بالاسم معنىً حقه أن يؤدى بالحرف حينئذٍ نقول: تضمن الاسم معنى الحرف، أشبه الاسم الحرف في المعنى، فالأصل في التعبير عن الشرط أن يكون بحرف: إن، فإذا عبر بأين أو بمتى واستعمل مراداً به الشرط نقول: الأصل أن يعبر عن الشرط بلفظ: إن، فحينئذٍ إذا استعمل متى، أو أين، أو من في معنى الشرط حينئذٍ نقول: أدي بالاسم معنىً كان حقه أن يؤدى بالحرف، هذا المراد.
إًذا: أن يؤدى به معنىً حقه أن يؤدى بالحرف لا بالاسم، لكن بقيت مشكلة، وهي أن هذه المعاني التي الأصل فيها أن تؤدى بالحرف، وأشبه الاسم الحرف في استعمال الاسم تأديةً لذلك المعنى بهذا الاسم، والأصل فيه أنه يستعمل بالحرف، بعض المعاني وضعت لها حروف، فحينئذٍ إذا أودي بالاسم معنىً كان حقه أن يؤدى بالحرف الذي وضع في لسان العرب لا إشكال فيه، ولكن بعض المعاني كالإشارة ليس له حرف موجود، ما نطقت العرب، قالوا: كان من حقه، يعني: من حق هذا المعنى على العرب أن يضعوا له حرفاً يؤدوا به هذا المعنى.
فحينئذٍ إذا وجد في الأسماء ما استعمل استعمال الإشارة، نقول: أشبه حرفاً غير موجود، وهذا التعليل كما ترون عليل.
والمَعْنَوِيِّ فِي مَتَى وَفِي هُنَا: في متى، يعني: في لفظ متى سواءً كانت استفهامية أو شرطية، فإذا قيل: متى تقم أقم، متى: نقول هذا اسم وضع على ثلاثة أحرف، أليس كذلك؟ الأصل فيه الإعراب ولكنه بني، لم بني، متى تقم أقم؟ نقول: لكونه أشبه الحرف، في ماذا أشبه الحرف؟ في المعنى؛ لأنه في هذا التركيب متى تقم أقم، هذا معنى الشرط، والأصل في هذا التركيب أن يقال: إن تقم أقم؛ لأن الشرط حقه أن يستعمل فهي إن، وهي حرف، فحينئذٍ استعمل متى في معنىً كان حقه أن يؤدى بإن الشرطية.