هذا يَجري في (نِعْمَ وبِئْسَ) وما جَرى مَجرى (نِعْمَ وبِئْسَ) فالحكم واحد، وأن (مَا) في نحو: ((سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)) [الأنعام:136] (مَا) هنا (فِي نَحْوِ نِعْمَ مَا يَقُولُ الفَاضِلُ) الحكم واحد مُميِّز أو فاعل، وجواز كون المخصوص مبتدأ أو خبر، وأنَّه يكفي عن ذكره تَقدُّم ما يُشْعِر به، وإفادة المدح أو الذَّم، واقتضاء فاعلٍ كفاعلهما، وسواءٌ في ذلك ما هو (فَعُلَ) أصالةً وما حُوِّل إليه.

إذن: مُطلقاً في جميع ما سبق من أول الباب إلى هذه اللحظة، كل ما ذُكِرَ في باب (نِعْمَ وبِئْسَ) من اتفاقٍ أو خلافٍ وترجيح وأقوال فهو ثابتٌ لـ: (سَاءَ) وباب (فَعُلاََ) ولذلك قال: (مُسْجَلاَ).

وَاجْعَلْ كَبِئْسَ سَاءَ وَاجَعَلْ فَعُلاَ ... . . . . . . . . . . . ......................

يدخل فيه (حَبَّ) مع غير (ذَا)، ليست: (حَبَّذَا) مع (ذَا)، لأنَّ (حَبَّ) الأصل: حَبُبَ، أُسقِطَت الضَمَّة تَخفيفاً فقيل: (حَبَّ) إذن: يدخل فيه (حَبَّ) مع غير (ذَا) فيثبت له جَميع ما ثبت لـ: (نِعْمَ) من الأحكام.

ومنه الجمع بين الظاهر والتمييز على القول بجوازه، والإسناد إلى الضمير وغيره.

وَاجْعَلْ كَبِئْسَ سَاءَ وَاجَعَلْ فَعُلاَ ... مِنْ ذِي ثَلاَثَةٍ. . . . . . .

أي: حالة كون (فَعُلاَ) كائناً من فِعْلٍ ذي ثلاثة أحْرُف، مِنْ ذِي ثَلاَثَةٍ أي: حالة كون (فَعُلاَ) كائناً من فِعْلٍ – على تقدير موصوف محذوف – من فعلٍ (ذِي ثَلاَثَةٍ) ثلاثة أحْرُف، وسبق معنا: أنَّ التنوين الذي يكون في الأعداد تنوين عِوَض، مثل: (كُل وبَعْض) عِوَض عن كلمة، إذا قيل: ثلاثةٌ، أين التمييز؟ محذوف، وعُوِّضَ عنه التنوين، (ثَلاَثَة) جاءني ثلاثة، يعني: ثلاثة رجال مثلاً، فَحذفَت المُميِّز وعَوَّضَتَ عنه التنوين.

هنا قال: (ثَلاَثَةٍ) أي: ثلاثة أحْرُف، وليس المراد مُحوَّلاً (مِنْ ذِي ثَلاَثَةٍ) حتى يَرِد اعتراض ابن هشام، بأن عبارة المُصنِّف ظاهرةٌ في المُحوَّل عن (فَعَلَ) بالفتح أو الكسر ليس هذا المراد، لأنه قال: (وَاجَعَلْ فَعُلاَ مِنْ ذِي ثَلاَثَةٍ) كأنه قال: مُحوَّلاً من ذي ثلاثةٍ، إذن: (فَعُلَ) أصالةً لا يشمله اللفظ، ليس هذا المراد، المراد: اجعل (فَعُلَ) حالة كونه من فعلٍ ذي ثلاثة أحْرُف فقط، فيشمل ما كان (فَعُلَ) أصالةً وما كان بالتحويل.

(مِنْ ذِي ثَلاَثَةٍ كَنِعْمَ مُسْجَلاَ) مُسْجَلاً. قال الشَّارح هنا: " تستعمل (سَاءَ) في الذَّمِّ استعمال (بِئْسَ) "، إذن: أشبهتها في المعنى، حينئذٍ أخذت أحكامها السابقة، فلا يكون فاعلها إلا ما يكون فاعلاً لـ: (بِئْسَ) وهو المُحلَّى بالألف واللام: سَاءَ الرَّجُل زيدٌ، (سَاءَ) فعلٌ ماضي لإنشاء الذَّمْ (الرَّجُل) فاعل سَاءَ و (زيدٌ) المخصوص بالذَّمِّ، وهو مبتدأ والجملة قبله خبرٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015