إذن: الاختلاف هنا لا يخرجها عن كونها معرِّفة، هي معرِّفة، اُختلف في أل هذه، نِعمَ العبد، نِعمَ المولى، نِعمَ النصير، فقال الأكثرون: هي للجنس، أكثر النحاة والبيانيين على أنها للجنس حقيقة لا مجازاً، فحينئذٍ مدحت الجنس كله من أجل زيد، جنس الرجل، يعني: إذا قلت: نِعمَ الرجل، جنس الرجل، فشمل كل من يصدق عليه هذا اللفظ، يعني: مدحت كل الأفراد، زيد وعمرو وخالد إلى ما لا نهاية، كل المدح هذا من أجل زيد. نِعمَ الرجل فمدحت الجنس كله، يعني: أريد بمدخولها جميع أفراد الجنس قصداً أو تبعاً للمدوح، فمدحت الجنس كله من أجل زيد، ثم خصصت زيداً بالذكر، فتكون حينئذٍ مدحته مرتين، ويكون من باب ذكر الخاص بعد العام، كأنه ذُكر العام أولاً ثم خصصته بالذكر، وهذا مبالغة في المدح .. غاية أن تمدح كل الرجال من أجل زيد، يعني من أجل أن تثني على زيد، ثم بعد ذلك تخصه بالذكر، فحينئذٍ دخل أولاً في الرجل، ثم نصصت عليه مرة أخرى، فحينئذٍ مدحته مرتين، فإذا قلت: نِعمَ الرجلُ زيدٌ فالجنس كله ممدوح، وزيدٌ مندرج تحت الجنس، الجنس المراد به الأفراد هنا، شمل كل الأفراد حقيقة. فالجنس كله ممدوح وزيدٌ مندرج تحت الجنس؛ لأنه فرد من أفراده، وفي تقريره قولان، يعني: كيف وصلنا إلى هذا المدح.

الأول: أنه لما كان الغرض المبالغة في إثبات المدح للممدوح، جعل المدح للجنس الذي هو منه، إذ الأبلغ في إثبات الشيء جعله للجنس حتى لا يتوهم كونه طارئاً على المخصوص، يعني: مثلما قال ابن عقيل، جعلنا المدح منصباً أولاً على كل أفراد الجنس، ثم ذكرناه بعد ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015