* شرح الترجمة. التعجب. وحده
* صيغتا التعجب
* حذف المتعجب منه
* هل يتصرف فعلا التعجب
* شروط ما يصاغ منه فعلا التعجب. وحكم الغاقد لشرط منها.
* حكم فعل التعجب مع معموله من حيث التأخير والتقديم والتأخير.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال الناظم رحمه الله تعالى: التَّعَجُّبُ. أي: هذا باب بيان ما يتعلق بالتعجب في اصطلاح النحاة، وليس مطلق التعجب.
التَّعَجُّبُ تفعُّل من العجب، واختُلف في حدِّه، وارتضى جمهرة من الشراح والنحاة ما عرفه به ابن عصفور، قيل أحسن ما قيل في حد التعجب قول ابن عصفور، وهو قوله: هو استعظام زيادة في وصف الفاعل خفي سببها وخرج بها المتعجب منه عن أمثاله أو قل نظيره فيها. هذا حد لابن عصفور في بيان حقيقة التعجب، وهو ما أشبه ما يكون بالمعنى اللغوي؛ لأن التعجب في اصطلاح النحاة خاص بصيغتين اثنتين لا ثالث لهما: ما أفعَل وأفعِل به، وأما التعجب في لسان العرب فهو أعم، فيأتي بالاستفهام ويأتي بغيره.
(هو استعظام زيادة) استعظام استفعال من العظمة.
استعظام زيادة في وصف الفاعل، خفي سببها وخرج بها المتعجب منه عن أمثاله أو قل نظيره فيها، حينئذٍ شمل نوعي التعجب؛ لأن بعض النحاة وبعض أهل اللغة يحصر التعجب في ما خفي سببه، وليس الأمر كذلك، ولذلك إذا وُصف الرب جل وعلا بصفة التعجب: (عجب ربنا)، ((بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ)) [الصافات:12] نقول: هذه لا بد من تأويلها؛ لأن التعجب لا يكون إلا عما خفي سببه، والله تعالى لا تخفى عليه خافية، إذن: لا بد من التأويل. نقول: لا، ليس الأمر كذلك، حصر التعجب في ما خفي سببه فحسب نقول: هذا ليس بصحيح بل هو أعم من ذلك، فيطلق على خروج الشيء عن نظيره، بمعنى: أنه قليل في الناس مثلاً من اتصف بصفة العلم فنقول: ما أعلم زيداً، لا لكونه خفي سببه وإنما لكونه قد وجد فيه صفة ليست موجودة في غيره.
إذن: استعظام زيادة نقول: هذا كالجنس في الحد، قوله: (استعظام زيادة) كالجنس في الحد.
وذلك كاستعظام زيادة الحسن في زيد (ما أحسنَ زيداً) استعظمت العلم أو الحسن، (ما أعلمَ زيداً، ما أتقاه) ونحو ذلك إذا صح مجيئه.
قوله: (في وصف الفاعل) يعني: المراد به من قام به الوصف، استعظام زيادة في وصف الفاعل، يعني: المراد ما قام به الوصف، وهذا فصل يخرج به الزيادة في وصف المفعول، فلا يقال: (ما أضربَ زيداً) بنصب زيد على أنه استعظام لوقوع الضرب عليه، لا يستعظم إلا ما اتصف به الفاعل، وأما ما وقع على المفعول فلا، ولذلك منع النحاة أن يشتق فعل التعجب من المبني للمجهول، لأن الوصف الذي يتعجب منه ويستعظم هو ما اتصف به الفاعل، وأما ما وقع على المفعول لا.
إذن: قوله: (في وصف الفاعل) احترز به عن وصف المفعول، قد تكون ثَمَّ زيادة في وصف المفعول لكن لا يتعجب منها، فلا يقال: (ما أضربَ زيداً) بنصب زيد استعظاماً لضربٍ وقع على زيد، ولذا من شروطه كما سيأتي: أن يكون الفعل مبنياً للمعلوم، لأن المبني للمعلوم هو الذي جيء به لوصف الفاعل.
وقوله: (خفي سببها) فصل ثانٍ يخرج به ما ظهر سببه، ولذا قيل: إذا ظهر السبب بطل العجب.