وإنما سميت هذه الصفة مشبهة؛ لأنها كان أصلها أنها لا تنصب؛ لأنها أخذت من فعل لازم، (وَصَوْغُهَا مِنْ لاَزِمٍ) فكيف تنصب؟ الأصل فيها أنها لا تنصب لكونها مأخوذة من فعل لازم قاصر، ولكونها لم يقصد بها الحدوث فهي مباينة للفعل، الفعل: قام زيد يقوم زيد، قم، تدل على حدوث شيء بعد أن لم يكن، حينئذٍ باينت الفعل يعني: فارقته، لكنها أشبهت اسم الفاعل فأعطيت حكمه في العمل لا في كل العمل وإنما في بعضه. أشبهت اسم الفاعل فأعطيت حكمه في العمل، ووجه الشبه بين الصفة المشبهة شُجاع وحسن ونحوها مع اسم الفاعل .. وجه الشبه بينهما أنها تدل على الحدث ومن قام به، كل منهما صفة تدل على ذات وحدث، الصفة المشبهة شُجاع وحسن يدل على ذات متصفة بصفة وهي الحُسن، وشجاع يدل على ذات متصفة بصفة وهي الشجاعة .. وهلم جرا. واسم الفاعل كذلك: ضارب، قائم؛ يدل على ذات متصفة بحدث.
إذاً: كلٌ منهما صفة، والصفة تدل على ذات وحدث.
ومن قام به .. من قام به الذي هو الذات، كما أن اسم الفاعل كذلك. وأيضاً الصفة المشبهة أشبهت الفاعل في كونها تؤنث وتثنى وتجمع، كما أن اسم الفاعل يؤنث ويثنى ويجمع، ولذلك سبق:
وَمَا سِوَى الْمُفْرَدِ مِثْلَهُ جُعِلْ
الذي هو المثنى والجمع بنوعيه: جمع التكسير بنوعيه وجمع التصحيح.
إذاً: الصفة المشبهة تؤنث كما أن اسم الفاعل يؤنث، والصفة المشبهة تثنى وتجمع كما أن اسم الفاعل يثنى ويجمع، فتقول: حسنٌ وحسنةٌ، وحسنان وحسنتان، وحسنون وحسنات، حسن: هذا مفرد مذكر، حسنةٌ: مفرد مؤنث، إذاً: أُنث. وحسنان وحسنتان ثنيا تذكيراً وتأنيثاً كما تقول: ضاربان وضاربتان. وحسنون وحسنات، حسنون بالواو والنون، وحسنات بالألف والتاء، كما تقول في اسم الفاعل: ضارب وضاربة وضاربان وضاربتان وضاربون وضاربات. إذاً: أشبهت الصفة المشبهة اسم الفاعل فيما ذكر.
وهذا بخلاف اسم التفضيل كأفضل؛ فإنه لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، أي: في غالب أحواله، فلهذا لا يجوز أن يشبه باسم الفاعل كما سيأتي في محله.
إذاً: هذا وجه الشبه بين الصفة المشبهة واسم الفاعل، أولاً: تدل على حدث ومن قام به، كما أن اسم الفاعل ومن قام به.
ثانياً: الصفة المشبهة تؤنث وتثنى وتجمع كما أن اسم الفاعل كذلك.
ثالثاً: يزاد أنها تعمل مع شرط الاعتماد، يعني: لا تعمل النصب إلا إذا اعتمدت.
وَوَلِيَ اسْتِفْهَاماً أَوْ حَرْفَ نِدَا ... أَوْ نَفْياً أَوْ جَا صِفَةً أَوْ مُسْنَدَا
كما أن اسم الفاعل لا يعمل إلا إذا اعتمد على شيء. فهذه ثلاث مسائل هي وجه الشبه بين اسم الفاعل والصفة المشبهة.