لأن الصفات الدالة على التفضيل هي الدالة على مشاركة وزيادة؛ كأعلم وأفضل وأتقى وأصبر، نقول: هذه تدل على حدث ومشاركة وزيادة. الحدث هو ما أخذ منه أعلم .. العلم، وأفضل .. الفضل، وأتقى .. التقوى، نقول: هذه دلت على حدث. ثم مشاركة بين اثنين: لا بد من مفضل ومفضل عليه، زيدٌ أعلمُ من عمروٍ، وزيادة وهي زيادة المفضَّل على المفضَّل عليه في الحدث نفسه .. في العلم.

إذاً: دلت على ثلاثة أشياء، أفعل التفضيل يدل على ثلاثة أشياء: حدث لأنه صفة، والصفة تدل على ذات وحدث، وتدل على مشاركة بين اثنين، إذ لا يقال: أعلم، زيدٌ أعلم هكذا دون أن يكون ثَمَّ مفضَّل عليه، إلا إذا استعملت في غير بابها وهذا خروج عن أصلها.

إذاً: دلت على مشاركة بين اثنين، زيدٌ أعلمُ من عمرو. ودلت على زيادة؛ زيادة المفضل عليه في الحدث .. المفضل على المفضل عليه.

إذاً: أفعل التفضيل تدل على مشاركة وزيادة، وهذه ليست كذلك، الصفة المشبهة ليست دالة على مشاركة وزيادة.

(وإنما صيغت لنسبة الحدث إلى موصوفها) وسبق أن النسبة المراد بها: الإضافة، تضيف شيء إلى شيء وتنسب شيئاً إلى شيء، فإذا قيل مثلاً: مررت برجل حسن الوجه، حسن: هذا صفة مشبهة وهو مضاف، والوجه: مضاف إليه.

هنا دلت الصيغة (حسن) نسبة الحدث الذي هو الحسن إلى الموصوف، ما هو الموصوف؟ حسن الوجه، الموصوف هو رجل، فدلت على أنه موصوف بهذا الوصف وهو الحُسن. ثم: هل يدل اللفظ على مشاركة أو على زيادة، أم يدل على لزوم حدث؟ لا شك أنه الثاني.

إذاً: صيغت لنسبة الحدث إلى موصوفها وهو الحُسن في نحو: مررت برجل حسن الوجهِ، وليست مصوغة لإفادة معنى الحدوث فحسب أنه وجد بعد أن لم يكن، لا، إذا أريد أن يدل على وجود الحدث بعد أن لم يكن حينئذٍ ننتقل إلى اسم الفاعل؛ لأنك إذا أخبرت عن حدث إما أن تخبر عنه بأنه موجود دائماً لازم حينئذٍ تأتي بالصفة المشبهة، وإذا أردت أن تدل على حدث وقع بعد أن لم يكن حينئذٍ تأتي باسم الفاعل.

وليست مصوغة لإفادة معنى الحدوث، ففي المثال تفيد أن الحسن ثابت لوجه الرجل، لكنه من قبيل المجاز كما سيأتي.

(وليس بحادث متجدد) الحسن هذا ليس بحادث، ليس بمتجدد، وإنما هو لازم.

(بخلاف اسمي الفاعل والمفعول؛ فإنهما يفيدان الحدوث والتجدد) فإذا قلت مثلاً: مررت برجل ضاربٍ عمْراً؛ حينئذٍ وصفته بوجود الضرب بعد أن لم يكن، لأنك جئت بصيغة تدل على ذلك وهو اسم الفاعل.

(فضارب مفيد لحدوث الضرب وتجدده، وكذلك: مررتُ برجلٍ مضروبٍ) إذاً: وقع عليه الضرب بعد أن لم يكن، مررت برجل ضارب عمْراً أوقع الضرب بعد أن لم يكن.

وكذلك إذا قلت: زيدٌ شجاعٌ وزيدٌ جميل. زيد شُجاع، شجاع كما سبق أنه صفة مشبهة على وزن فُعال، حينئذٍ زيد شجاع وصفته بالشجاعة بعد أن لم تكن؟ أم المراد من اللفظ أنه متصف بالشجاعة ماضياً وحالاً ومستقبلاً؟ الثاني. حينئذٍ هو متصف مدة وجود مدلول زيد، متى ما وجد زيد حينئذٍ هو موصوف بالشجاعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015