وما جاء على فعْلَ على غير زنة فاعل كطاب فهو طيب وشاخ فهو أشيخ؛ نقول: هذا كذلك سماعي، وأما فعِل اللازم فبابه وقياسه المطرد ثلاثة أوزان: فعِل وأفعل وفعلان، وليست مستوية في مرتبة واحدة بل لكل منها معنىً يدل عليه الفعل الذي جيء منه اسم الفاعل.
وأما فعُل بالضم ففيه فعْل وفعيل وأفعل وفَعَل لكنها ليست على مرتبة واحدة، وقيل: فعْلٌ أولى لكثرته، وبعده فعيل، وقيل: فعيل هو القياس وفعْلٌ سماعي. ثم بعدهما في القلة: أفعل وفعَل، وبعدهما فَعَالي وفُعَالي وفُعُل وفِعْل وفُعُل بالكسر والضم وفُعَّال وفَعُول وفِعِل؛ هذه كلها تأتي في مرتبة بعد مرتبة فعَل وأفعل.
يبقى أن نقول: كل هذه الأوزان غير فاعل هي صفات مشبهة، كيف هي صفات مشبهة ثم نقول: هو اسم فاعل؟ نقول: أن القاعدة لا يكون اسم الفاعل إلا على زنة فاعل فحسب فقط، وما عداه (وَفَعْلٌ أَوْلَى وَفَعِيلٌ) هذه أسماء فاعلين في المعنى، يعني: إذا أردت أن تدل على حدوث شيء وهو وصف لذات وليس من باب فعَل وإنما من باب فعِل اللازم أو فعُل فأت به على واحد من هذه الأوزان، وإلا هو في الحقيقة صفة مشبهة، كأنك تستعير الوزن هذا فتجعله لاسم الفاعل، لأن الصفة المشبهة كما سيأتي تدل على ثبوت حدث مستمر دائم، وأما اسم الفاعل فيدل على وجود حدث بعد أن لم يكن، إذاً: فرق بينهما. والأصل أنه لا يستوي وضع وزن واحد للمعنيين؛ لأن هذا ينافي ذاك، هذا يدل على عدمٍ ثم وجود، وهذا يدل على وجود مستمر دائم، وذاك يدل على انقطاع؛ لأنه قد يدل على الماضي بخلاف الصفة المشبهة، حينئذٍ نقول: الأصل في اسم الفاعل من الثلاثي لا يكون إلا على زنة فاعل، وما ذكر من هذه الأوصاف في فعِل اللازم فعِل وأفعل وفعلان وفعْلٌ وفعيل وما عطف عليه كلها صفات مشبهة، فإذا أردت أن تستعمل اسم الفاعل من فعِل اللازم لم يوضع له فاعل على زنة فاعل، وحينئذٍ ماذا تصنع؟ تأخذ واحداً من هذه الأوزان الثلاثة فتستعمله، فحينئذٍ يكون مدلوله اسم الفاعل، فلا بد من قرينة تدل على أنه استعمل في غير أصله، وأما إذا استعمل هكذا دون قرينة فيحمل على كونه صفة مشبهة.
إذاً: جميع هذه الصفات صفات مشبهة إلا فاعلاً فإنه اسم فاعل، إلا إذا أضيف إلى مرفوعه وذلك فيما إذا دل على الثبوت؛ كطاهر القلب، حينئذٍ هو صفة مشبهة، كما سيأتي في محله.
إذاً:
وفَعْلٌ أَوْلَى وَفَعِيلٌ بِفَعُلْ ... كَالضَّخْمِ وَالْجَمِيلِ وَالفِعْلُ جَمُلْ
وَأَفْعَلٌ فِيهِ قَلِيلٌ وَفَعَلْ ... وَبِسِوَى الفَاعِلِ قَدْ يَغْنَى فَعَلْ
هذه كلها صفات مشبهة.
إذاً: هذا ما يتعلق بالثلاثي، أما غير الثلاثي فإذا أردنا منه اسم الفاعل له قياس وهو أن يكون على وون مُفْعِل مُكرِم، هذا الأصل فيه. فإذا أطلق مُفْعِل كمُكرِم حينئذٍ حملناه على الدلالة على الحدوث، شيء حدث بعد أن لم يكن.
إن أضيف إلى مرفوعه -كما سيأتي- حينئذٍ ينتقل إلى كونه صفة مشبهة، وإلا فالأصل فيه أنه اسم فاعل، لكن من غير الثلاثي، وأما ما كان من الثلاثي فهو يأتي على زنة فاعل.