أَشِر: هذا على وزن فعِل، وهو فيما دل على عرض؛ لأن أَشِر المراد به الذي لا يحمد النعمة مثل البطر لا يحمد النعمة، وحينئذٍ هذا عرض يأتي ويزول، الأعراض هي الأوصاف التي تكون في الإنسان وتأتي وتزول ولا تكون راسخة، بخلاف الشيء الراسخ كالحسن والجمال ونحو ذلك، هذه أوصاف مستمرة راسخة. وأما التي تأتي وتزول كالمرض والصحة والضحك والمشي والاستلقاء ونحو ذلك فهذه أعراض، لماذا؟ لأنها أوصاف غير مستقرة، غير ثابتة، غير مستمرة. ما كان كذلك والفعل فعِل وهو لازم حينئذٍ اسم الفاعل يكون على وزن فعِلٍ.
وأما أفعَل فهو مشهور في الألوان والخِلَق، يعني: ما كان لون كأحمر حَمِرَ وأصفر وأخضر، كلها نقول: هذا اسم فاعل من فعل اللازم، حَمِرَ ونحو ذلك.
وفعلان فيما دل على الامتلاء.
نَحْوُ أَشِرِ، هذا مثال للأول.
وَنَحْوُ صَدْيَانَ: وريان كذلك وهو العطشان، صديان.
وَنَحْوُ الأَجْهَرِ: الأجهر هو الذي لا يبصر في الشمس، جَهِرَ على وزن فَعِلَ، جَهِرَ زيد يعني: لا يبصر في الشمس، وحينئذٍ اسم الفاعل منه يأتي على وزن أفعل.
أشار إلى تعدد المعاني باختلاف الأوزان بتكرار قوله: َنَحْوُ؛ لأنه عدد الأمثلة وكرر معه َنَحْوُ، لماذا؟ للإشارة إلى ما ذكرته: وهو أن كل واحد من هذه الأوزان إنما يكون باعتبار معنىً مفارق لمعنى الوزن الآخر.
نَحْوُ أَشِرِ وَنَحْوُ صَدْيَانَ: أعاد نحو.
وَنَحْوُ الأَجْهَرِ: إذاً أعاد كلمة (نَحْوُ) في صديان والأجهر لاختلاف النوع، فكل واحد منها .. لأن الأوزان قد تتحد في الفعل، فيقال: يأتي على وزن كذا وكذا وكذا، وقد يقال: الفعل إن دل على كذا فوزنه كذا، وإن دل على كذا فوزنه .. حينئذٍ اختلفت الأنواع أو لا؟ اختلفت الأنواع، ففرق بين أن يوحَّد بين الأوزان لاتحاد نوع الفعل وبين أن ينوع في الأوزان لاختلاف أنواع الفعل، أما قلنا: الصوت ما دل على صوت يأتي المصدر منه على فُعَال وفعيل؟ تعددت الأوزان والمعنى واحد، وهنا فعِل اللازم فعل واحد وتعددت له الأوزان، متحدة أو باعتبار اختلاف المعاني؟ الثاني. إذاً: ليست متحدة.
إذاً: ما كان على وزن فعِل اللازم فاسم الفاعل يأتي منه على واحد من أوزانه الثلاث وهي: فعِلٌ وأفعَلٌ وفعلانُ.
قال الشارح: أي: إتيان اسم الفاعل على وزن فاعل قليل في فعُل بضم العين، كقولهم: حمُض .. إلى آخره. وفي فعِل غير متعدٍ نحو: أمِن فهو آمن، هذا شاذ يحفظ ولا يقاس عليه. وسلِمَ فهو سالم؛ كذلك يحفظ ولا يقاس عليه. وعقرت المرأة فهي عاقر؛ نقول: هذا يحفظ ولا يقاس عليه؛ لأن القياس في اسم الفاعل على زنة فاعل إنما هو في فعَل مطلقاً وفي فعِل المتعدي.
بل قياس اسم الفاعل من فعِل المكسور العين إذا كان لازماً أن يكون على فعِل بكسر العين، نحو: نظِر فهو نظِرٌ، وبطِرَ فهو بطِرٌ وأشِرَ فهو أشِرٌ، الأشر والبطر معناهما الذي لا يحمد النعمة.
أو على فعلان، لم يبين الشارح أن الاختلاف لاختلاف الأنواع .. المعاني. عطِش فهو عطشان، وصدي فهو صديان، أو على أفعل نحو: سَوِدَ فهو أسود، وجهِرَ فهو أجهر. وليست مستوية وإنما هي مختلفة باختلاف أنواع ما يدل عليه فعِل اللازم.