إذاً: قوله: ثُمَّ أَقِمْ إِقَامَةً؛ هذا استدراك لقوله: وَأَجْمِلاَ إِجْمَالَ، إذاً: أجمل، أقم: هذا فعل أمر أشار به إلى أقام، كل منهما على وزن أفعَلَ، أجْمِلَ أجمَل أقامَ كل منهما على وزن أفعَلَ، إلا أنه في أجمَل ليس معتل العين بل هو صحيح، وأقام هو معتل العين، يعني: معل العين، قلبت العين التي هي الواو ألفاً، فالمصدر نقول فيه: إقامةً؛ على التعليل السابق الذي ذكرناه، عوضاً عن العين المحذوفة، عوض عنها لزمت التاء في المصدر, ولذلك قال: وَغَالِباً ذَا التَّا لَزِمْ، ذَا: المشار إليه ما هو؟ أقم إقامةً، ذَا التَّا: ذَا المشار إليه أقم إقامةً، إقامةً المصدر الأخير المتأخر. ذا لزم التاء، التاء هذا مفعول مقدم لقوله: لزم، لزم التاء، لكن قال: غالباً؛ لأنه قد تحذف منه، ((وَإِقَامِ الصَّلاةِ)) إِقَامِ هذا مصدر، أقام يقيم إقامة، حينئذٍ نقول: التاء هنا أين هي؟ ليست موجودة، أقم إقامةً حذفت التاء.

................... ثُمَّ أَقِمْ ... إِقَامَةً وَغَالِباً ذَا التَّا لَزِمْ

قال ابن عقيل: وإن كان على أفعَل فقياس مصدره على إفعال، نحو: أكرم إكراماً وأجمل إجمالاً وأعطى إعطاءً، هذا إذا لم يكن معتل العين يعني: معل العين، فإن كان معل العين فكذلك لكن نقلت حركة عينه إلى فاء الكلمة، حينئذٍ تنقلب ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها بالنظرين السابقين، أو نقول: اكتفاءً بجزء العلة.

وحذفت الألف الثانية أو الأولى على الخلاف، وعوض عنها تاء التأنيث غالباً، نحو: أقام إقامةً، وأعان إعانةً، وأبان إبانةً، والأصل: إقواماً، انظر إقْوَ، القاف ساكنة والواو متحركة؛ لأن أصله: أفْعَل، إقواماً فنقلت حركة الواو إلى القاف الساكن قبلها ثم انقلبت الواو ألفاً وحذفت إحدى الألفين، وعوض عنها تاء التأنيث فصار إقامةً، وسُمع تنبيهاً على الأصل: أغيَمت السماء إغياماً، قلنا: الأصل المهجور لا بد أن ينطق به عربي، يعني: يحصل أشبه ما يكون بفلتة لسان، فينطق بأصل مهجور، إغياماً؛ الأصل أن تنقلب هنا الياء ألفاً ثم تحذف، فيقال: إغامةً مثل إقامة. أغيَمت السماء إغامةً هذا الأصل بحذف إحدى الألفين، لكن نطق به من أجل أن نعرف أن هذا الأصل هو الذي ذكرناه. فصار إقامةً، والصحيح أن الذي حذف هو الألف المنقلبة عن العين، وهذا هو الأصح للتعويض إذ لا تعويض عن زائدٍ البتة، وثانياً: هي حرف معنى، وذهب سيبويه إلى أنها الزائدة، ومذهب الفراء والأخفش إلى أنها الأصلية، وهذا هو المراد بقوله: ثُمَّ أَقِمْ.

وقوله: وَغَالِباً ذَا التَّا لَزِمْ: يعني الغالب لزوم هذه التاء، ومعنى اللزوم هنا اتصال التاء به، ولذا قال: غالباً، يعني في الغالب الكثير. وقد تخلو عن التاء لكنه في قلة، ولذلك جاء قراءة: (وَإِقَامَ الصَّلاةِ) وأراء إراءً، إراءة هذا الأصل.

إذاً: قوله: ثُمَّ أَقِمْ إِقَامَةً؛ إشارة إلى أفعَل إذا كان معل العين.

وَغَالِباً ذَا التَّا لَزِمْ: ذَا: مبتدأ، ولَزِمْ: هذا فعل ماضي، وفيه ضمير يعود على ذَا.

والتَّا: بالقصر هذا مفعول به.

وَغَالِباً: حال من الفاعل في لَزِمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015