وَغَيْرُ ذِى ثَلاَثَةٍ مَقِيسٌ.
قيل: غَيْرُ: مبتدأ، ومَقِيسٌ: هذا خبره، ومصدره هذا قيل: نائب فاعل.
كَقُدِّسَ التَّقْدِيسُ: هذا مثال.
غَيْرُ: مبتدأ، ومَقِيسٌ: خبر، تُرك تنوينه للقافية، ومصدره فاعل، وقيل: نائب فاعل. قيل هكذا.
ويجوز أن يكون مَقِيسٌ خبراً مقدماً ومصدره مبتدأ والجملة خبر المبتدأ، يعني (غير) يكون مبتدأ أول، ومصدره بالرفع أن يكون مبتدأً مؤخراً، ومقيس: خبر المبتدأ المتأخر، والجملة خبر الأول، لأنه ماذا أراد؟ أراد أن يبين لنا أن غير الثلاثي مقيس، كأنه للاتفاق عليه نص عليه، وإلا السابق كذلك الذي ذكره مقيس.
إذاً: ما الفائدة في ذكر هذا البيت على جهة الخصوص بالنص على أن ما عدا الثلاثي مقيس مع الاشتراك في الحكم؟ الاتفاق في الثاني والخلاف في الأول، طيب. إذا كان كذلك أيهما أولى بالتنصيص ما فيه خلاف؟ أو ما عليه الاتفاق؟ ما فيه خلاف، هذا الأولى أن ينص عليه، وأما المتفق عليه لو تركه علمنا حكمه بأنه متفق عليه، حينئذٍ خُرج البيت على هذا، فقيل:
وَغَيْرُ ذِي ثَلاَثَةٍ مَقِيسُ مَصْدَرِهِ: على المذكور هنا يكون غَيْرُ مبتدأ، وهو مضاف، وذِي ثَلاَثَةٍ: مضاف ومضاف إليه، ومَقِيسُ مَصْدَرِهِ: صار خبراً.
كَقُدَّسَ: يكون تابعاً لقوله: مَقِيسُ مَصْدَرِهِ إما حالاً من المضاف وإما حالاً من المضاف إليه، فهو شروع في ذكر المصادر المقيسة في غير الثلاثي.
وَغَيْرُ ذِي ثَلاَثَةٍ: أي وكل فعل غير ذي ثلاثة مَقِيسُ مَصْدَرِهِ كَقُدَّسَ التَّقْدِيسُ.
قُدَّسَ: هذا النوع الأول وأشار به إلى قدَّسَ فعَّل، فعَّل هذا ثلاثي مزيد بحرف واحد، قدَّسَ، ومثله زكَّى وعطفه لكون مصدره مخالفاً للمصدر السابق؛ لأن الأول: قُدِّس التقديسُ تفعيل، والثاني: زكِّه تزكيةً تفعلةً، إذاً: هما مخالفان، مع كون الأول والثاني على وزن فعَّلَ، والفرق بينهما: أن الأول صحيح والثاني معتل.
إذاً نقول: ما كان على وزن فعَّلَ وهو مزيد بحرف إما أن يكون صحيحاً وإما أن يكون معتلاً، فإن كان صحيحاً فمصدره على التفعيل كالتقديس، وهم قد يذكرون المثال مع الوزن، وقد يُذكر الوزن دون المثال.
قُدَّسَ التَّقْدِيسُ كأنه قال: فُعِّل التفعيل.
إذاً: فعَّل إما أن يكون صحيحاً أو معتلاً.
إما أن يكون صحيحاً أو معتلاً، فإن كان صحيحاً فأشار المصنف بقوله: قُدَّسَ التَّقْدِيسُ؛ إلى أن مصدره يكون على وزن التفعيل، هذا هو المشهور، ومنه قوله تعالى: ((وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)) [النساء:164] سلموا تسليماً؛ هذا مصدر، هذا نسميه مصدر. سلموا سلاماً اسم مصدر، كلِّموا كلاماً هذا اسم مصدر.
ويأتي أيضاً على وزن فِعَّال وفِعَال بالتشديد والتخفيف، ومنه: ((وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا)) [النبأ:28] كذب كِذَّاباً لم يأت على التفعيل، وإنما جاء على فِعَّال.
ويأتي على فِعَال بتخفيف العين، وقد قرئ: (وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَاباً) بتخفيف الذال.
إذاً: إذا كان صحيحاً وهو على وزن فعَّل يأتي على التفعيل. هذا هو المشهور. وفِعِّال بقلة، وفِعَال قيل: شاذ.