تَقَلُّبَاً: هذا مفعول باقتضى، يعني: دل على تقلب وحركة واضطراب، فكل فعل كان على وزن فَعَل اللازم وهو دال على التقلب والحركة والاضطراب فحينئذٍ قياس مصدره باطراد يكون على وزن فَعَلان. أي دل على تقلب وهو تحرك مخصوص لا مطلق التحرك، فلا انتقاض بنحو: قام قياماً؛ لأنه قد يقال: قام هذه حركة، لا ليس المراد أي حركة، جلسَ هذه حركة، حينئذٍ نقول: ليس مطلق الحركة، إنما حركة مخصوصة فيها نوع اضطراب مثل غليان، حينئذٍ فرق بين الحركتين، حركة لا اضطراب فيها هذا كله حدث، نام لم يكن نائماً ثم نام، إذاً: هذا فيه حركة، قام قياماً صام صياماً، نقول: هذا كله فيه نوع حركة، لكن ليس المراد هنا مطلق الحركة، وإنما المراد: تحرك مخصوص.

إذن: الذي استحق أن يكون مصدره على فعلان هو كل فعل دل على تقلب واضطراب، نحو: طاف طوفاناً، وجال جولاناً، ونزى نزواناً، وغلت القدر غلياناً، ولمع لمعاناً، كلها على وزن فَعَلان مع كونها الفعل منها على وزن فعَلَ اللازم، خرج عن ذلك الأصل.

مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَوجِباً فَعْلاَناً متى؟ إذا دل على تقلب واضطراب وحركة، فإن كان كذلك فوزنه على وزن فعلاناً.

لِلدَّا فُعَالٌ: هذا الثالث. فُعَالٌ: هذا مبتدأ. للداء.

أَوْ لِصَوتٍ: أَوْ أكثر النسخ بـ (أو)، والملوي يغلطها يقول: الصواب بالواو، لكن أكثر الشراح على أنها بـ (أو) وحينئذٍ نحمل (أو) على معنى الواو؛ لأن (أو) في الأصل للتخيير، هذا أو ذاك، إما هذا أو ذاك، والأمر ليس كذلك، بل هي لهذا وذاك، يعني: للداء .. للمرض وللصوت، حينئذٍ نقول: (أو) بمعنى الواو ما دام أن أكثر النسخ على هذه، أكثر النسخ على أنها بـ (أو) حينئذٍ نقول: لِلدَّا فُعَالٌ أَوْ لِصَوتٍ، نقول: فُعَالٌ ما كان على وزن فُعَال.

لِلدَّاءِ: يعني للمرض وللصوت.

لِلدَّا: هذا بالقصر قصره للضرورة، يعني: للداءِ فُعال، لِلدَّا: هذا خبر مقدم، وفُعَالٌ: مبتدأ.

أَوْ لِصَوتٍ: هذا معطوف على قوله: لِلدَّا، لذلك أعاد الخافض .. أَوْ لِصَوتٍ.

إذاً: ما كان على وزن فُعَال إنما يكون لفعلٍ دل على مرضٍ أو دل على صوتٍ.

إذاً: الذي يستحق أن يكون مصدره على فُعال هو كل فعل دل على داءٍ أو صوتٍ، سَعلَ سُعالاً؛ هذا صوت أو مرض؟ سعل سعالاً هذا مرض، وزُكِمَ زُكاماً، نحن نقول: من باب فَعَلَ، كيف يمثل ابن عقيل وغيره من الصرفيين بزُكِمَ؟ تقديراً، إذاً: زُكِم باعتبار أصله المقدر في الذهن زكاماً، هكذا. أما زُكِمَ لا يأتي منه؛ لأنه هو فرع، قلنا: فُعِل فرع وليس بأصل، وهنا المصادر إنما تحمل على أصولها: فعَل فعِل فعُل، لذلك لا نقول: ضُرِبَ ضرباً مصدره، لا. نقول: ضُربَ مصدره ضرباً، لا نقول: ضُرب، أما زُكِم لم يسمع إلا فُعِل حينئذٍ لا نقول: زَكَمَ، ليس عندنا في اللغة زَكَمَ، وإنما مقدراً زَكَم في الذهن كأنه هو الأصل، هكذا يقولون.

ومشى بطنه مُشاءً على وزن فُعْال.

ومثال الثاني الذي هو الصوت: نَعب الغراب نُعاباً، ونَعق الراعي نُعاقاً، ورغى البعير رُغاءً، وأزَّت القدر أُزازاً .. سمع فيه أُزَازاً وأَزِيزاً، وهذا هو المراد بقوله: لِلدَّا فُعَالٌ أَوْ لِصَوتٍ.

إذن:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015