وفعُل لثقل الضم لم يسمع فيه إلا اللزوم، ولا يوجد منه متعدي إلا من جهة التضمين: رحُبتك الدار، يعني: وسعتك الدار، رحُبتك الدار، هنا تعدى رحبتكَ إما أنه على التضمين: وسعتك الدار، أو رحُبت بكَ على الحذف والإيصال، يجوز هذا أو ذاك.
على كلٍ؛ فعُل من حيث القاعدة الصرفية أنه لا يكون إلا لازماً، فتعديه يكون شاذاً.
هنا قال: مِنْ ذِي ثَلاَثََةٍ، يصدق على فَعَل المتعدي واللازم، وفعِل المتعدي واللازم وفعُل؛ لأنه قال: مِنْ ذِي ثَلاَثََةٍ، لكن ليس مراده الإطلاق، وإنما المراد به المتعدي، بدليل ماذا؟ الْمُعَدَّى مِنْ ذِي ثَلاَثََةٍ، مَصْدَرِ الْمُعَدَّى مِنْ ذِى ثَلاَثََةٍ، أما ذي ثلاثة من حيث هو يعني من فعلٍ ذي ثلاثةٍ يعني من ثلاثي؛ فهذا يصدق على الجميع، لكن لما قال: من مَصْدَرِ الْمُعَدَّى؛ حينئذٍ خرج (فعَل) اللازم، وخرج (فعِل) اللازم، وخرج (فعُل) وكله لازم.
إذاً: يصدق على بابين: فعَل المتعدي وفعِل المتعدي، وأما اللازم فيهما فسيأتي ذكره منفرداً.
فَعْلٌ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى ... ... مِنْ ذِي ثَلاَثََةٍ
يعني: من فعلٍ ذِي ثَلاَثََةٍ.
فَعْلٌ: هذا خبر مقدم.
قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى: مبتدأ مؤخر؛ لأنه يريد أن يبين القياس، وحينئذٍ يناسب أن يكون قياس مصدر المعدى مِنْ ذِي ثَلاَثََةٍ، مِنْ ذِي ثَلاَثََةٍ: هذا جار ومجرور متعلق بمحذوف حال، إما من مصدر وإما من المعدى، يحتمل هذا ويحتمل ذاك، أي: حال كونه بعض الأفعال الثلاثية، فـ (مِنْ) حينئذٍ تكون للتبعيض، (من) هنا للتبعيض.
فَعْلٌ: قلنا: هذا خبر، أي: موازن فعْلٌ، ففعْلٌ هذا وزن، موزونه المصادر التي يلفظ بها، يقال: ضَرْبٌ هذا مووزن وزنه فعْلٌ.
قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى.
قِيَاسُ: هذا مصدر، قاس يقيس قياساً هو بنفسه مصدر.
قِيَاسُ: ما المراد بالقياس هنا؟ المراد به: أنه إذا عرفت أن قياس مصدر المعدى من ذي ثلاثةٍ أنه على وزن فعْلٍ حينئذٍ إن سمع فهو هو، وإن لم يسمع مصدر المعدى على وزن فعْلٍ حينئذٍ يبقى على ما سمع هو هو، فإن لم يسمع لا هذا ولا ذاك، يعني: لا ما هو موافق للقياس على وزن فعْلٍ أو ما هو مخالف لقياسه كأن يسمع على وزن فُعول مثلاً أو فِعال ونحو ذلك؛ حينئذٍ إذا سمع ما هو خارج عن الأصل كذلك لا يستعمل، وإنما يكون قياساً فيما إذا لم يسمع له مصدر البتة، حينئذٍ تقول: هذا فعل معدى وهو على وزن فعَل بفتح العين، فقياس مصدره يكون على وزن فعْلٍ.
إذاً: القياس متى يستعمل؟ إذا لم يسمع له مصدر أصالة، هذه فائدة هذا الباب، ولذلك تكون في الضبط من حيث التحصيل لا من حيث الإيجاد؛ لأنه إذا لم يوجد هذا قليل، قليل جداً أنه لم يسمع مصدر، فحينئذٍ يكون من قبيل الضبط فحسب، يعني: كأنه قاعدة يلتمسها طالب العلم ويعرف أن هذه أكثر المصادر لفعَل المعدى يكون على وزن فعْلٍ، فإذا التبس عليه مؤقتاً فقط يقيسه على هذا الوزن، فيقول: الأكثر أن يأتي على وزن فعْل ثم يبحث، فقد يكون مصيباً وقد يكون مخطئاً، متى يكون مخطئاً؟ إذا سمع له مصدر لا على وزن فعْل، فيكون سماعياً لا قياسياً.