فهذا الباب هنا سبعة عشر بيتاً كمله باللامية، وهنا نجري على ما ذكره الناظم فحسب وإلا فأبنية المصادر فيها ما هو مقيس وفيها ما هو سماعي، السماعي لا يمكن ضبطه، لا ينضبط، بل عموماً: الصرف لا يمكن ضبطه إلا بالحفظ، ليس كالنحو، النحو يمكن ضبطه بحفظ القواعد فحسب، أما الصرف فلا، ولذلك الشوكاني رحمه الله في أدب الطلب يقول: لن يكون ملماً بشتات هذا الفن إلا إذا كانت الشافية في صدره، يعني: محفوظة في صدره، فحينئذٍ يكون قد لم بهذا الفن.

أَبْنِيَةُ المَصَادِرِ.

قال:

فَعْلٌ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى ... مِنْ ذِي ثَلاَثََةٍ كَـ رَدَّ رَدَّا

فَعْلٌ: هذا الوزن.

مِنْ ذِي ثَلاَثََةٍ: هذا الموزون.

مِنْ ذِي ثَلاَثََةٍ: المقصود به الفعل، والنحاة والصرفيون يجرون في ذكر المصادر بناءً على الأفعال وإن كان المصدر هو الأصل.

وَكَوْنُهُ أَصْلاً لِهَذَيْنِ انْتُخِبْ.

والمَصدرُ الأَصْلُ وَأيَُّ أصلِ ... ومنهُ يَا صَاحِ اشتقاقُ الفعلِ

وحينئذٍ صار أصلاً، فالأصل أن الفعل يجري على المصدر، ولكن هنا ضبط أبواب المصادر مبنية على ضبط أبواب الفعل، فينظر في الفعل؛ هل هو ثلاثي؟ هل هو رباعي؟ هل هو مجرد؟ هل هو مزيد؟ ثم يحكم عليه بالمصدر، وهذا جاء نتيجة الاستقراء والتتبع، يعني الاستقراء والتتبع اقتضى أن يجعل ضبط باب المصادر على الأفعال، وهذا لا يلزم منه أن يكون المصدر فرعاً عن الفعل، بل الصواب هو العكس من حيث الاشتقاق ووجود الفعل.

نقول: المصدر أصلٌ، والفعل فرعٌ، من حيث الضبط .. الضوابط هذه قواعد عامة لم ينطق بها العرب إلا من جهة الاستعمال فحسب، وأما من جهة التقعيد والتأصيل نقول: هذا باستقراء الصرفيين وكذلك النحاة.

إذاً: نجري في ذكر المصدر بناءً على الفعل، ولذلك نقول: الفعل من حيث التجرد والزيادة ينقسم إلى قسمين: فعل مجرد، وفعل مزيد، والمراد بالمجرد يعني: مجرد من الزيادة، التجريد المراد بها: التعري، يعني: لم يكن ثَمَّ حرف زائد معه، وسبق معنا أن الأصل في وضع الفعل أن يكون على ثلاثة أحرف، هذا الأصل فيه.

فالمجرد: هو ما كانت جميع حروفه أصلية، لا يسقط منها حرف لغير علة تصريفية، فإن سقط منها حرف في بعض تصاريفه ننظر؛ هل سقط لعلة تصريفية أم لا؟ فإن سقط لعلة تصريفية لا يمنع كونه أصلاً، وإن سقط لا لعلة تصريفية حينئذٍ نحكم عليه بكونه زائداً، وسيأتي مبحث حروف الزيادة في باب التصريف هناك.

إذاً: المجرد ما كانت جميع حروفه أصلية، لا يسقط منها حرف في تصاريف الكلمة بغير علة. والمزيد عكسه، ما زيد فيه حرف أو حرفان أو ثلاثة، وهذه الأحرف تسقط في بعض التصاريف دون بعض، ولذلك تقول: خرجَ وأخرجَ ويخرجُ وخارجٌ ومخروجٌ .. إلى آخره، أين الهمزة؟ غير موجودة، وجدت في بعض التصاريف وهو أخرج فعل ماضي، ولم توجد في خرج وهو المجرد الثلاثي، ويخرجُ لم توجد فيه الهمزة، وحينئذٍ نقول: هذه الهمزة زائدة؛ لأنها وجدت في بعض التصاريف دون بعض.

والمزيد: ما زيد فيه حرف أو أكثر على حروفه الأصلية. هذا المجرد والمزيد من حيث هو.

ثم المجرد قسمان: ثلاثي ورباعي. المجرد الذي تكون حروفه الأصلية: ثلاثي ورباعي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015