ولا يصح حذفه لعدم الاستغناء عنه، فلا طريق إلى إضافته إلا تحويل الإسناد عنه إلى ضمير يعود إلى المنصوب ثم ينصب لصيرورته فضلة، حينئذٍ لاستغناء الوصف بالضمير ثم يجر بالإضافة فراراً من قبح إجراء وصف المتعدي لواحد مجرى وصف المتعدي لاثنين، وهذا يأتي في الصفة المشبهة؛ لأن اسم المفعول إذا أُريد به الحدوث صار اسم مفعول، وإذا أُريد به الدوام حينئذٍ صار صفة مشبهة، حتى اسم الفاعل واسم المفعول إذا كان على زنة مفعول كمحمود والمقصود، حينئذٍ إذا أريد به الدوام .. دوام الحدث واستمراره صار صفة مشبهة لكن من جهة المعنى لا من جهة الصيغة، بخلاف ما عدا زنة مفعول؛ لأنه من الثلاثي على زنة مفعول، ومن غير الثلاثي على زنة مُفعَل، اللفظ محتمل لهما، لكن يحمل أصالة على اسم المفعول، إذا دلت قرينة على الحدوث صار صفة مشبهة؛ لأنه لا يوجد اسم فاعل من الثلاثي إلا على زنة فاعل، هذا الأصل، فإذا أريد به الحدوث صار صفة مشبهة، مثله من الثلاثي اسم المفعول، فالأصل فيه مفعول، إذا أريد به الحدوث فهو اسم مفعول، وإذا أريد به الدوام والدلالة على دوام الحدث صار صفة مشبهة.
كَـ مَحْمُودُ الْمَقَاصِدِ الْوَرِعْ.
الْوَرِعْ: هذا مبتدأ.
ومَحْمُودُ: خبر مقدم.
والْمَقَاصِدِ: هذا نائب فاعل، أضيف محمود إلى المقاصد وهو مرفوعه.
يجوز في اسم المفعول أن يضاف إلى ما كان مرفوعاً به، فتقول في قولك: زيدٌ مضروبٌ عبدهُ. زيد: مبتدأ، مضروبٌ: هذا اسم مفعول، عبده: نائب فاعل. زيدٌ مضروبُ العبدِ؛ أضفته بعد التغيير الذي ذكرناه سابقاً، أضفته إلى مرفوعه، هنا قال: إِلَى اسْمٍ مُرْتَفِعْ يعني: به، والذي ارتفع به مضروب هنا عبدهُ على أنه نائب فاعل.
إذاً: قيل: زيدٌ مضروبُ العبدِ؛ هنا أضيف اسم المفعول إلى نائب الفاعل، فتضيف اسم المفعول إلى ما كان مرفوعاً به.
ومثله قول الناظم: الورع محمودُ المقاصد، والأصل: الورع محمودٌ مقاصدُه، ولا يجوز ذلك في اسم الفاعل .. لا، الصواب فيه تفصيل على ما ذكرناه سابقاً. فلا تقول: مررت برجل ضارب الأبِ زيداً؛ هذا تعدى إلى واحد، وهذا محل خلاف، وأما إذا تعدى إلى أكثر من اثنين فهذا محل وفاق لا يجوز. إن كان لازماً محل وفاق جائز، فلا تقل: مررت برجلٍ ضاربِ الأبِ زيداً؛ تريد: ضاربٍ أبوه زيداً.
إذاً: وَقَدْ يُضَافُ ذَا: الذي هو اسم المفعول.
إِلَى اسْمٍ مُرْتَفِعْ: به.
مَعْنىً: يعني من جهة المعنى لكونه نائب فاعل قبل الإضافة، لأنه لا تقل: نائب فاعل، إذا جئت تعرب ما تقول: محمودُ المقاصد، محمودُ: هذا مضاف، والمقاصد: نائب فاعل، غلط هذا، وإنما يراعى فيه المعنى، تقول: محمود هذا مضاف، والمقاصدِ: مضاف إليه مجرور بالمضاف وجره كسره ظاهرة على آخره فقط، وأما من جهة المعنى إذا أردت أن تصفه أو تعطف عليه حينئذٍ يراعى فيه ما ذكرناه سابقاً.
كَـ مَحْمُودُ الْمَقَاصِدِ الْوَرِعْ
الْوَرِعْ: هذا مبتدأ مؤخر.
وحْمُودُ الْمَقَاصِدِ: أصله: محمودٌ مقاصدهُ؛ أضيف اسم المفعول إلى نائب الفاعل.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين ... !!!