(عَلَى أَيِّنَا تَعْدُو المَنِيَّةُ أَوَّلُ ... ) بالضم، والأصل أول الوقتين.
وحكى أبو علي الفارسي: (ابْدَأ بِذَا مِنْ أَوَّلُ) بالضم على نيّة معنى المضاف إليه والأصل من أوّل الأمرِ، وبالخفض على نيةِ لفظه، وبالفتح على نيةِ تركها.
روى هذا القول بالجهات الثلاث: (ابدأ بذا مِن أولَ، ابدأ بذا من أولُ، ابدأ بذا من أولِ) نزِّلها على كل ما سبق.
ومنعَه مِن الصرف للوزن والوصف، يعني يُمنَع "مِن أولَ" نقول: ممنوع من الصرف، لماذا؟ للوزن (وزن الفعل) والوصف؛ لأنه اسمُ تفضيل بمعنى الأسبق.
إذن في هذه الأحوال الثلاثة نقول: تعرب فيها.
أما الحالة الرابعة التي تُبنى فيها؛ فهي: إذا حُذِف ما تُضاف إليه ونُوِي معناه دون لفظه، حينئذٍ تُبنى على الضم ((لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)) [الروم:4] قراءاة السبعة، بُنيت على الضم لشبهها حينئذٍ بحروفِ الجواب في الاستغناء بها عمّا بعدها، هل جاء زيد؟ نعم، اكتفي بحرف الجواب عمّا بعدَه، وهذه مثلها.
معَ ما فيها من شبهِ الحرف في الجمود، وهو لزومُها استعمالاً واحداً وهو الظرفية أو شبهها، وفي الافتقار إلى المضاف إليه، نحو الآية التي ذكرناها، ونحو (قبضتُ عشرةً فحسبُ)، أي فحسبي ذلك.
وحكى أبو عليٍّ الفارسي: المثال السابق الذي ذكرناه، والبيت السابق: (عَلَى أَيِّنَا تَعْدُو المَنِيَّةُ أَوَّلُ ... )، وسرتُ مع القوم ودونُ أي: دونهم، وجاء القوم وزيد خلفُ أو أمامُ أي: خلفهم أو أمامهم، أَقَبٌّ مِنْ تحتُ عَرِيضٌ مِن عَلِ.
تحتُ بُني على الضم؛ لحذفِ المضاف إليه مع نيّة معناه دونَ لفظه، بدليل سبقِ حرفِ الجرّ (من) ثم اللفظ بالضم (مِن تحتُ)، لو قال: (من تحتِ) دون تنوين عرفنا أنه حُذف المضاف إليه ونوى لفظه (من تحتِ).
وحكى أبو علي الفارسي (ابْدَأْ بِذَا مِنْ أَوَّلِ) بضم اللام وفتحها وكسرها، فالضمُّ على البناء بنيّة المضاف إليه معنى، والفتح على الإعراب لعدم نية المضاف إليه لفظاً ومعنى وإعرابها إعراب ما لا ينصرف للصفة ووزن الفعل، والكسر على نيّة المضاف إليه لفظاً.
وحينئذٍ إذا بُنيت على الضم (قبلُ وبعدُ) قلنا في هذه الحالة تكون معرفتين بالإضافة إلى معرفة المنوية، والأصل: (لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلِ الغلب وَمِنْ بَعْدِهِ)، وإذا بُنيت الظروف على الضمّ تُسمّى غايات كما ذكرنا؛ لأن الأصلَ فيها أن تكونَ مُضافة، وغاية الكلمة المضافة ونهايتها آخر المضاف إليه، (قبل ذلكَ) آخر الكلمة ما هي؟ الكاف، هذه نهايتُها، نهايتها آخرُ حرفٍ في المضاف إليه؛ لأنها تتمته إذ به تعريفه، فإذا حُذِف المضاف إليه وتضمّنه المضاف صارَ آخر المضاف غايته، يعني إذا قلت: قبل الغلبِ آخر المضاف إليه الباء وهو كالتتمة لما قبلَه، فإذا حذفتَه صارَ غاية قبل اللام، ولذلك صارت غاية.
فقول المصنف: وَاضْمُمْ بِنَاءً .. البيت إشارة إلى الحالة الرابعة من حيث المنطوق. وقوله: نَاوِياً مَا عُدِمَا مراده: أنك تبنيها على الضم إذا حذفتَ ما تُضاف إليه ونويته معنى لا لفظاً.