بِلاَ تَفَرُّقٍ: نعتٌ ثاني لمفهم، إذن مُفهم اثنين معرّف بلا تفرق أُضيف، هنا قال: أُضيف ولم يقل أَضف، ولم يُعبِّر بـ (أَلْزَمُوا)، هل معنى ذلك أن الإضافة ليست لازمة؟ (أُضيف) هذا خبرٌ ليس بأمر، وهنا قال: وَأَلْزَمُوا إِضَافَةً، قال: أَضِفْ جَوَازاً؛ بيّنَ الحكم، وهنا قال: أُضِيفَ، نقول: مِن سياقة الأبيات وما أراده الناظم من كون هذا البيت وقعَ بينَ ما يلزمُ الإضافة، حينئذٍ نقول: أُضيف لزوماً، لا بدّ من التقدير، وإلا فقوله: (أُضِيفَ) لا يدلُّ على أن الإضافة لازمة.
إذن (أُضِيفَ) لزوماً، بدليل أن الكلام في واجبِ الإضافة .. لازم الإضافة، وإلا اللفظ من حيث هو (أُضيف) لا يدلّ على اللزوم، وهناك عبّرَ في غير مرة بـ (وألزموا) و (ألزموا)، دلَّ على أنه لازم وأن الإضافة لازمة، ولكن هنا قال: أُضيف، فحينئذٍ نحمله على ما سبقَ بأن الإضافة هنا لازمة.
لِمُفْهِمِ اثْنَيْنِ: لِمُفْهِمِ هذا اسمُ فاعلٍ مِن (أفهمَ يُفهِم) فهو مُفهم، يعني ما يدلُّ على اثنين، فالمفهم المراد به الفهم، والفهم هو المعنى الذي يدلّ عليه اللفظ.
لِمُفْهِمِ اثْنَيْنِ: إذن لا بد أن يكون المضافُ إليه كلا وكلتا دالاً على اثنين، إما بحسب الوضع وإما بحسب القصد، مُفهم اثنين، أو اثنتين، أو اثنين فحسب؟ مُفهم اثنين واثنتين كذلك؛ لأن (كلتا) هذا للمؤنث، وحينئذٍ لِمُفْهِمِ اثْنَيْنِ، اثنين لا مفهومَ له، يعني لم يُخرِج .. لم يَحترِز به عن اثنتين، وحينئذٍ المراد باثنين شيئين، فيشملُ المذكر اثني والمؤنث وهو اثنتين، وإن شئتَ قل: اثنين هذا من باب الاكتفاء؛ لأنه قال: أُضيف كلا وكلتا، كلا للمذكر وكلتا للمؤنث.
لمفهم اثنين واثنتين، إذن اكتفى بالأول عن الثاني، وهذا أولى من قولِ الصبان بأنّ المراد باثنين شيئين، هذا تأويل، ليشملَ المذكرين والمؤنثين، والأولى أن نقول: اكتفاء؛ لأنه قال: أُضيف (كلتا) و (كلا) لمفهم اثنين واثنتين، وسبقَ أن (كلا) للمثنى المذكر، و (كلتا) للمؤنث المثنى.
وحينئذٍ بالقرينة السابقة نقول: هنا اكتفاء في الكلام.
لِمُفْهِمِ اثْنَيْنِ: إذن لا يُضافان للمفرد ولا يُقال: كلا رجل، وكلتا هند .. نقول: هذا ممنوع، لأن شرطَ صحةِ الإضافة في (كلا) و (كلتا) أن يكونَ المضاف إليه مما أفهمَ ودلَّ وأرشدَ في المعنى إلى اثنين .. لمفهم اثنين.
الدلالةُ على الاثنين إما أن تكونَ بالنص أو بالاشتراك أو باسم الإشارة، لأنَّ المراد أن يدلَّ اللفظ على اثنين، لا على واحد ولا على جمع.