قلنا: ذكر في هذا البيت ما يتعلق باسم فعل الأمر دون أخويه، لماذا؟ لكثرته، وأما اسم فعل الماضي والمضارع، فهذا لقلته لم يعرج عليه الناظم، وسيأتي باب خاص باسم الفعل، وستأتي أحكامه المتعلقة به هناك، وهنا المراد التنبيه على اسم فعل الأمر، والأمر، ما المراد به الأمر الاصطلاحي أو اللغوي؟ والأمر إن لم يك للنون محل .. يعني: لا يقبل نون التوكيد، إذاً: انتفت عنه العلامة، دل من جهة المعنى على ماذا؟ على ما يدل عليه الأمر الاصطلاحي، وهو الطلب، إن أمر فهم: وجد هذا القيد، صه، نقول: وجد فيه القيد وهو الدلالة على ماذا؟ على الطلب، اسكت، لكن هل يقبل نون التوكيد؟ الجواب: لا، إذا دل على معنى الفعل ولم يقبل علامته فحينئذٍ نقول: هو اسم وليس بفعل.
والأمر، يعني: الأمر اللغوي، أي: الطلب، لكن لا بد هنا من التقدير؛ لأن الأمر معنى من المعاني، وهو قال في الخبر عنه: هو اسم، وهذا حكم على اللفظ، الأمر يعني: الطلب، الأمر: مبتدأ، إن لم يك للنون محل: جملة معترضة الشرط، هو اسم، الجملة من المبتدأ والخبر خبر عن المبتدأ.
الأمر: هو اسم، المخبر عنه معنى، وهو الطلب، والخبر لفظ، ليس بينهما تطابق، لا بد من التقدير في الأول، فنقول: دال الأمر، يعني: ما يدل على الأمر، وهو اللفظ، صه: هذا دال على الطلب، فحينئذٍ صح التطابق بين المبتدأ والخبر.
والأمر، أي: اللفظ الدال على الطلب بنفسه، فخرج لام الأمر؛ لأن دلالة الحرف بغيره، وفي كلام المصنف هنا: والأمر حذف مضاف، أي: دال الأمر، وأن المراد بالأمر: الأمر اللغوي لا الاصطلاحي فلا منافاة بين المبتدأ والخبر.
إن لم يك، وأصلها: يكن، حذفت النون هنا تخفيفاً:
وَمِنْ مُضَارِعٍ لِكَانَ مُنْجَزِمْ ... تُحْذَفُ نُونٌ وَهُوَ حَذْفٌ مَا الْتُزِمْ
سيأتينا إن شاء الله في محله، للنون، يعني: السابقة نون التوكيد الثقيلة والخفيفة، محل: يعني: حلول فيه، فهو مصدر ميمي، إن لم يك للنون محل، يعني: حلول وقبول للكلمة مع دلالته على الطلب، فيه: يعني: في نفس اللفظ، هو اسم، لم يقل: هو اسم فعل أمر، بل قال: هو اسم، لماذا؟ لأنه قد يكون مصدراً، ضرباً زيداً (فَصَبْراً فيِ مَجَالِ المَوْتِ صَبْراً)، يعني: اصبروا، صبراً: هذا مصدر دل على الطلب أو لا؟ صبراً .. ضرباً زيداً .. ((فَضَرْبَ الرِّقَابِ)) [محمد:4] نقول: هذا معناه: اضربوا، صبراً معناه: اصبروا، إذاً: دل على الطلب، ولم يقبل النون، هو مصدر، وليس باسم فعل أمر، ولذلك أطلقه ولم يقيده وإنما مثَّل باسم فعل الأمر كمثال فحسب.
نحو صه، بمعنى: اسكت، هذا دال على الطلب ولا يقبل نون التوكيد الثقيلة ولا الخفيفة، فحينئذٍ نقول: هو اسم فعل أمر؛ لأنه دل على معنى فعل الأمر ولم يقبل علامته.
وحيهل، حيهلا .. حيهلل ثلاث لغات، فحينئذٍ نقول: حيهل، بمعنى: أقبل أو عجل أو قدم، هنا دل على معنى فعل الأمر، وهو الطلب، المعنى اللغوي، لكنه لم يقبل علامته من حيث قبول النون، فنقول: هو اسم فعل أمر.