وَأَلْزَمُوا أي: العرب، إِضَافَةً إِلَى الْجُمَلْ ألزموا حيث وإذ إضافة إلى الجمل.
إذن: هذا شروعٌ منه في بيان ما يلزمُ الإضافة إلى الجمل, وقلنا هذا على نوعين: ما يُضاف إلى الجمل مطلقاً اسمية كانت أو فعلية.
والثاني: ما يُضاف إلى الجملة الفعلية فحسب.
وَأَلْزَمُوا أي العرب, حَيْثُ: وهذا مفعولٌ أول لـ أَلْزَمُوا, وإِذْ: معطوف عليه، إِضَافَةً: هذا مفعول ثاني، إذا عرفت الإعراب تعرف المعنى مباشرة, ألزموا حيث وإذ إضافة إلى الجمل, هذا التركيب.
إذن: حيث مفعول أول, وإذ معطوف عليه، وإضافة هذا مفعول ثاني، إلى الجمل: جار ومجرور متعلّق بقوله إضافة، حيثُ وإذ، حيث: ظرفُ مكان تصرّفه نادر، بل منعَ بعضُهم أن يتصرّف، ولذلك ردّ على ابن هشام أنه جوّز أن قوله تعالى: ((اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)) [الأنعام:124] جوّزَ في القطر أن حيث مفعول به لقوله يعلم مُقدَّر, وقيل له: إن حيث إذا كانت مفعولاً به صارت مُتصرّفة, والأصل أنها لازمة يعني: لازمة الظرفية, فلا تأتي مفعولاً به, وحينئذٍ يُردّ هذا القول بذا.
إذن: ظرف المكان تصرفه نادر، وقيلَ بالمنع .. لا يتصرف, وقد يراد به الزمان وإلا الأصل فيه أنه ظرف مكان, وقد يخرج عن الظرفية المكانية ويُراد به الظرفية الزمانية، وثاؤه بالحركات الثلاث: حيثُ وحيثَ وحيثِ إلا أنها لغات، يعني في لغة أو عندَ قبيلة حيث بالضم, وفي قبيلة أُخرى حيثَ بالفتح, وفي قبيلة ثالثة حيثِ بالكسر, وليسَ مجتمعة في قبيلة واحدة لا, وإنما هي لغات، إذن: لكلٍّ لغته, وثاؤه بالحركات الثلاث, وقد تُبدَل ياؤه واواً, فيقال: حُوث, هذه لغة رابعة حُوث بالواو, بل قال ابنُ سيده هي الأصل, وبنو فقعس يعربونها، يعني ليست مبنية عندهم بل هي معربة، حينئذٍ تكون مثل قبل وبعد في حال الإعراب.
ولا يضاف إلى الجملة من أسماء المكان غيرها كما في المغني, وقيل: (لدن) كما سيأتي, لكن المشهور كما نصَّ عليه ابن هشام في المغني أنه لا يُضاف من ظروف المكان إلى الجملة إلا حيثُ فحسب وزِيدَ عليه على خلاف (لدن) كما سيأتي.
إذن: حيثُ فقط هي التي تُضاف من ظروف المكان إلى الجمل بخلاف ظرف الزمان, وأما (إذ) فهي ظرف زمان ماضٍ لا يتصرَّف إلا إذا أُضيف إليه ظرف زمان, لا يتصرّف؛ ما معنى لا يتصرَّف؟ إذا قيل مُلازم للظرفية .. النصب على الظرفية حينئذٍ لا يكون مُبتدأ, ولا خبراً ولا مفعولاً به ولا اسم (إن) إلى آخرة, لا يأتي في هذه المحال, وإذا قيل يتصرّفُ نادراً حينئذٍ قد يخرُجُ عن الظرفية فيكونُ مفعولاً به, وهنا (إذ) ظرف زمان لا يتصرّف إلا أُضيف إلى ظرف زمان مثله كحينئذٍ يومئذٍ، حينئذٍ نقول هذه مُتصرِّفة لأنها أُضيفت إلى اسم زمان.