إذن: من إضافةِ الشيء إلى نفسه, سعيدُ كرزٍ, هذا مُؤوّل، ظاهره من باب إضافة الشيءِ إلى نفسه؛ لأن المراد بسعيد وكرزٍ في واحد, فيُؤوّل الأول بمسمى, والثاني بالاسم, والاسمُ خلاف المسمى, فرقٌ بين الاسم والمسمى, فيقال: سعيد كرزٍ من باب إضافة المسمى إلى الاسم, أوّلناهُ فجعلنا سعيد مسمى والثاني الاسم, هذا فيه تكلُّف؛ لأن المراد بسعيد فيُؤوّل الأول بمسمّى والثاني بالاسم, والاسمُ خلاف المسمّى, فكأنه قال: جاءني مُسمّى كرزٍ, حذَفَ سعيد وأبدَلَه بمسمّى, حينئذٍ نقولُ مّسمّى كرز, هذا ليس هو الظاهر، أي مُسمّى هذا الاسم؛ هذا إن أمكنَ أن يُؤوّل الأول بمسمّى والثاني بالاسم, وقد يكونُ العكس, لو قال: كتبتُ سَعيد كرزٍ, حينئذٍ يُؤوّل الأول بالاسم والثاني بمسمّى .. عكس الموجود, إذا كان سعيد مطلوب العامل صارَ سعيد بمعنى مُسمّى, فإن كان سعيد مطلوباً لتركيبٍ لا يستقيم كالكتابة, فهذا يجبُ أن يُؤوّل الأوّل بالاسم والثاني بالمسمّى, كتبتُ سعيد كرز, لا تكتبُ المسمّى أنت, لو قلتَ: الأول مُسمّى كرز, كتبتُ سعيد كرز مُسمّى كرز؛ ما يُكتب مُسمّى, أنت تكتبُ الاسم فتقول كتبتُ اسمَ المسمى, حينئذٍ صارَ مِن إضافة الاسم إلى المسمّى, لا مِن إضافة المسمّى إلى الاسم وعلى ذلك يُؤوَّل ما أشبهَ هذا من إضافة المترادفين كيوم الخميس, وأما ما ظاهره إضافة الموصوف إلى صفته فمُؤوّل على حذفِ المضاف إليه الموصوف بتلك الصفة, حبةُ الحمقاءِ هي نفسها, وصلاة الأولى, ومسجد الجامع, والأصل حَبةُ البقلةِ الحمقاءِ, والحمقاء هذا صفة للبقلة.
إذن: أُضيف حبة إلى البقلة لا إلى الحمقاء, وإن كانت النتيجة في ظاهرِهِ أنه مُضاف إلى .. حبّة البقلة الحمقاء, هذا الأصل, كقولهم: وصلاة الساعة الأولى, فالحمقاءُ صفة للبقلة .. حبة البقلة الحمقاء, هذا صفة للبقلة, لا للحبة, والأولى صفة للساعة لا للصلاة، ثم حُذِف المضاف إليه وهو البقلة والساعة، وأُقيم صفتُه مقامَه وصارَ حبة الحمقاء, وصلاة الأولى, فلم يُضَف الموصوف إلى صفته بل إلى صفة غيره، هذا مذهبُ البصريين, وَلاَ يُضَافُ اسمٌ لِمَا بِهِ اتَّحَدْ, فإن جاءَ في لسان العرب ما ظاهرُه أنه من إضافة الشيء إلى نفسه أُوِّل إمّا على المسمّى, وإما على حذف الموصوف, وهذا الظاهر أنّ فيه تكلفا.