وَلاَ يُضَافُ اسمٌ لِمَا بِهِ اتَّحَدْ مَعْنىً: الجمهورُ من النحاةِ –البصريينَ- على أنه لا يُضاف اسمٌ لمرادفِه ونعتِه ومنعوتِه ومؤكِّده, هكذا قالَ السيوطي في جمع الجوامع, لا يُضاف اسم لمرادفه ونعته ومنعوته ومؤكِّده, ثم علّلَ ذلك بقوله بأن المضاف يتعرّفُ أو يتخصّصُ بالمضاف إليه, والشيءُ لا يتعرّفُ ولا يتخصّصُ إلا بغيره, الشيء لا يتعرّف إلا بغيره ولا يتخصّصُ إلا بغيره, والنعت عينُ المنعوت, وكذا ما ذُكِر بعدَه, النعتُ غيرُ المنعوت, والرديفُ عينُ رديفه, وكذلك المؤكِّد والمؤكَّد, حينئذٍ لا يُضاف المؤكِّد لمؤكَّده, وكذلك النعتُ لمنعوته, ولا المنعوتُ لنعته, يعني: لا بالتقديم والتأخير, ودائماً يمرّ معنا هذا مِن إضافة الصفة إلى الموصوف, هذا مِن باب التسامح, أو على رأي الكوفيين فلا بأس, يقال بهذا أو ذاك, وشرطَ الكوفيون في الجوازِ اختلافُ اللفظ فقط, يعني: ولو اتحدا معنىً، لماذا؟ قالوا: لأنه سُمِع في لسان العرب العطفُ مع اختلاف اللفظ واتحاد المعنى, كذباً وميناً, الكذبُ هو المين والمينُ هو الكذب, جاءَ عطف الثاني على الأول, ما المسوغ؟ كون الثاني مخالفاً للأول في اللفظ فحسب, وأما في المعنى فهو مُوافِق له, وهذا نصَّ ابن تيمية رحمه الله في الإيمان على أنه لا يجوزُ القولُ به في القرآن, لا يُقالُ بأنه عطف الشيء على مثله, بمعنى: أن المغايرة بينهما في اللفظ فحسب لأنه حشو, إذا كان كذلك لا يجوزُ أن يُحمل عليه القرآن.
إذن: شرَطُ الكوفية في الجواز اختلافُ اللفظ فقط من غير تأويل تشبيهاً بما اختلفَ لفظه ومعناه, تشبهاً .. إذاً من باب التشبيه لما اختلَف لفظه ومعناه: كيومِ الخميس, يوم الخميس أُضيفَ هذا إلى ذاك, واليوم هو الخميس, والخميس هو اليوم, إذا قيل يومَ الخميس نحن في يوم الخميس, اليوم هو الخميس .. اسمه الخميس, والخميس هو اليوم.
إذن: أُضيفَ الشيء إلى نفسه هكذا قالوا, وشهرُ رمضان, رمضانُ هو الشهر والشهر هو رمضان. إذن: اختلفا في الفظ والمعنى واحد.
((وَعْدَ الصِّدْقِ)) [الأحقاف:16] الوعدُ لا يكون إلا صِدقاً والصدق هو الوعد, كما جاءَ ذلك في النعت والعطف والتوكيد نحو ((غَرَابِيبُ سُودٌ)) [فاطر:27] مثلوا بالقرآن, كذباً وميناً, ((كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)) [الحجر:30] هذا توكيد, ((كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)) [الحجر:30] مؤكَّد ومؤكِّد, توكيد بعد توكيد, حينئذٍ اختلفا في اللفظ والمعنى واحد.
((وَعْدَ الصِّدْقِ)) [الأحقاف:16] الوعد هو الصدق والصدق هو الوعد, ((غَرَابِيبُ سُودٌ)) [فاطر:27] الغرابيب هي السود والسود هي الغرابيب, حينئذٍ نقول: اختلفا في اللفظ والمعنى واحد, فلذلك حملوا الإضافة فيما اتحدَ معناه دون لفظه على الجواز.
وَلاَ يُضَافُ وأما مذهبُ البصريين فعلى المنع لما ذكرناه سابقاً.
وَلاَ يُضَافُ اسمٌ لِمَا بِهِ اتَّحَدْ مَعْنىً لما اتحد به معنىً .. لما اتحدَ به معه, الباء هنا بمعنى (مع)، يجبُ أن يكون المضاف مُغايراً للمضاف إليه, ولو بوجهٍ ما, حينئذٍ يمتنعُ إضافة اللفظ إلى ما اتحدَ به في المعنى كالمرادف مع مرادفه: الليث والأسد, لا يقال ليث الأسدِ أو أسد الليث, لا يُضاف هذا إلى مرادفه.