واختُلِفَ في تابع المضاف إليه، إذا قلت: الضارب الرجل، ثم أتبعته ببدلٍ أو عطفِ بيان أو نعتٍ، فما حكمه؟ فسيبويه يُجوِّز عدمَ وصله بأل، نحو: جاء الضاربُ الرجلِ وزيدٍ، هنا ليسَ فيه (أل)؛ لأنه في قوّة: جاء الضاربُ زيدٍ، وهذا ممنوعٌ، الضاربُ زيدٍ ممنوع لفقدِ الشرطِ صح دخول (أل) على المضاف؛ لأنه يُشترَط أن يكون المعرفة الذي يُضاف إليه محلىً بأل لا معرفة .. لا علم، فإذا قيل: (جاءَ الضاربُ الرجلِ وزيدٍ)، و (هذا الضاربُ الرجلِ زيدٍ) على أنه بدلٌ، حينئذٍ سَلَّط عليه المضاف؛ لأنّ العامل في التابع هو العامل في المتبوع، فإذا قلت: جاءَ الضاربُ الرجلِ وزيدٍ كأنك قلتَ: جاءَ الضاربُ زيدٍ، وهذا ممنوع، وإذا قلت: جاءَ الضاربُ الرجلِ زيدٍ على أنه بدلٌ أو عطفُ بيان، صارَ ممنوعاً هذا الأصل فيه، لكن قيل: يُغتَفَر في التوابع ما لا يُغتفَر في الأصول، فتُسُومِح في هذا وإلا الأصل عدمُ الجواز، مثلما ذكرناه في: رُبّ رجلٍ وأخيه، قلنا: لو جعلناه معرفة لسوَّغنا دخول رُبّ عليه، وهذا ممنوع، ولذلك قلنا: الضمير هنا نكرة، لكن في هذا المقام سيبويه خالفَ، فجعله سائغاً، فسيبويه يجوِّزُ عدمَ وصلِه بأل، نحو: جاء الضاربُ الرجلِ وزيدٍ، يعني: عطفتَ على الرجل مضاف إليه، وهذا الضارب الرجل زيدٍ أبدلت من المضاف إليه، وهو الرجل، على أن (زيدٍ) عطف بيان، والمبرد لا يُجوِّز ذلك، بل يُوجِب أن يصحَّ وقوعُ التابع موقع متبوعه وهذا أقيسُ؛ لأننا مَضينا على هذا فيما سبقَ .. في باب: لا .. اسمِ لا النافية للجنس، وكذلك في مدخول رُبّ؛ لأنك إذا عطفتَ عليه سوّغتَ دخول رُبّ عليه، كذلك هنا، إذا قلت: جاءَ الضاربُ الرجلِ زيد على أن زيد عطف بيان من الرجل، هذا في قوّة قولك: جاءَ الضاربُ زيدٍ، وهذا ممنوع، إذن: نمنعُهُ، لابد أن يكون مما يجوزُ أن تقول فيه: جاء الضاربُ الرجلِ، لو قال: جاءَ الضاربُ الرجلِ العالم صحّ؛ لأنكَ تقول: جاءَ الضاربُ العالم، إذن: لا إشكال فيه، أما زيد فلا؛ لأنه لا يُضافُ إليه ولا يكتسبُ منه صحة دخول (أل)، والأول أرجحُ؛ هكذا قال الصبان؛ والأول أرجحُ؛ لأنه قد يُغتفَر في التابع ما لا يُغتفَر في المتبوع، لكن لماذا لا تطرد هذه القاعدة في باب (لا) هناك؟ ولذلك قولُ المبرد له أصله، هذا إذا كان المضاف غير مُثنىً ولا مجموعاً جمعَ سلامة لمذكر، ويدخلُ في هذا المفرد، كما مُثِّل: الرجل الضارب، وجمع التكسير كالضوارب والضُّرَّاب، إذا قلت: (الضواربُ الرجلِ) فحكمه حكمُ الضارب الرجل، الضرّاب صيغة مبالغة، مثلُهُ الضرّاب الرجلِ.
وجمع السلامة لمؤنّث: الضاربات الرجل أو غلام الرجل، فإن كان المضاف مُثنىً أو مجموعاً جمع سلامةٍ لمذكر كفى وجودُها في المضاف، ولم يشترِط وجودها في المضاف إليه، وهو المراد بقوله:
وَكَوْنُهَا فِي الْوَصْفِ: يعني: كون (أل) في الوصف المضاف فقط.
كَافٍ إِنْ وَقَعْ مُثَنَّى أَوْ جَمْعاً: يعني: مجموعاً.