فإن كان المضاف غيرَ وصف أو وصفاً غير عامل فالإضافة محضة، كالمصدر، وهذا المصدر فيه خلاف، هل إضافته إضافة محضة أو لفظية؟ فيه خلاف، ذهبَ ابنُ برهان وغيره إلى أن إضافة المصدر إلى مرفوعه أو منصوبه غيرُ محضة، بمعنى أنها لفظية، مثل إضافة العامل إلى معموله، والصحيح أنها محضة، إلا إذا أُريدَ بالمصدر تأويلاًَ اسم مفعول، ضربُ زيدٍ أي: مَضروبُ زيدٍ، إذا أوّلناهُ حينئذٍ صارَ وصفاً بالتأويل، فيكون مِن إضافة العامل إلى معموله، إذا لم نقصد إلا المصدر .. عين المصدر نفسِه دون تأويل، حينئذٍ ابنُ برهان ذهبَ إلى أن الإضافة غير محضة، والصحيح أنها محضة لورودِ السماع بنعته بالمعرفة، نُعِت بالمعرفة وهو نكرة، فحينئذٍ إذا نُعِت بالمعرفة .. وشرط النعت أن يكون مطابقاً لمنعوته تعريفاً وتنكيراً فإذا اختلفا حينئذٍ قلنا: هذا ليس بمعرفة، كقول القائل: (إن وَجدي بك الشديدَ)، إن وجدي: وجدي هذا مصدر، بك الشديد، هنا نُعِت بماذا؟ الشديد، لو كان وجدي مثل راجين نكرة أو معرفة؟ نكرة، وهنا قد وُصِفَ بشديد، وشرطُ الوصفِ مع موصوفه التطابق، فلما نُعِت بالشديد وهو معرفة، دلَّ على أن وَجْدي معرفة، وإذا كان معرفة حينئذٍ صارت الإضافة معنوية، معنى أن (وجد) وهو مصدر أُضيف إلى الضمير الياء فاكتسبَ التعريف، ما الدليلُ على أنه اكتسبَ التعريف؟ هنا لا يمكن الحكمُ على اللفظ في راجين ومُروّع القلب، لوحدها لا يمكن [أن] تحكم عليها، وإنما تنظرُ إلى ما قبلَها وما بعدَها، يعني: السياق يحكم، فإن نُعِتت أو وُصِفت حينئذٍ تنظرُ إلى الصفة نكرة أو معرفة، إن كان المضاف مُضافاً إلى معرفة ونُعت بنكرة عرفتَ أنه لمك يكتسِب التعريف، إذا نُعِت بمعرفة، وهو قد أُضيف إلى المعرفة حينئذٍ تقول: استفاد التعريف، لماذا؟ لأنه لو لم يُعرَّف لبقي نكرةً على أصله، وجدي: إذا قلنا [إنه] مثل راجين نكرة، حينئذٍ نقول: الشديد ليس في محلّه لابد أن نقول: شديداً بالتنكير يطابق المنعوت.

إذن: وُصِف المصدر المضاف إلى معموله بالمعرفة، فدلَّ على أنه استفادَ التعريف وهذا يدلُّ على أن الإضافة محضة.

وذهبَ ابنُ السراج إلى أن إضافة أفعل التفضيل غير محضة، أفعل التفضيل ليست بمعنى اسم الفاعل، والصحيح أنها محضة، يعني: ليست لفظية، نصَّ عليه سيبويه لأنه لا يُنعت بالمعرفة، أفعل التفضيل لا يُنعت بالمعرفة، فإن كان المضاف غير وصف أو وصفاً غير عامل، فالإضافة محضة كالمصدر .. عرفنا أن الإضافة محضة: عجبتُ من ضربِ زيدٍ، نقول: استفادَ التعريف هنا؛ لأن (ضرب) نكرة و (زيد) معرفة فالإضافة معنوية، واسم الفاعل بمعنى الماضي: هذا ضاربُ زيدٍ أمس؛ فالإضافة معنوية لأن الوصف غير عامل، وأشارَ بقوله: فَعَنْ تَنْكِيرِهِ لا يُعْزَلُ: إلى أن هذا القسم للإضافة أعني غير المحضة لا يُفيد تخصيصاً ولا تعريفاً، ولذلك تدخلُ عليه رُبّ، ونُعِت في قوله: ((هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ)) [المائدة:95]، وإنما يفيدُ التخفيف، وفائدته ترجِعُ إلى اللفظ، فلذلك سُميت الإضافة لفظية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015