وَإِنْ يُشَابِهِ الْمُضَافُ: حال كونه وصفاً، هذه حالٌ لازمة؛ لأن المضاف لا يُشابه يفعَلُ إلا إذا كان وصفاً، والمراد وصفاً ولو بالتأويل، كضربِ زيدٍ أي: مضروبِ زيد، حينئذٍ المصدر إذا أُخرجَ بقولنا: يفعلُ هو المصدر المجرد الذي لم يقصد به اسم المفعول، وأما إذا قُصد به اسم المفعول حينئذٍ صار وصفاً بالتأويل فهو مراد.

إذن: (ضرب زيدٍ) إذا أُريد به مضروب زيد حينئذٍ صارت الإضافة لفظية، وإذا لم يُؤوّل بمضروب زيد حينئذٍ صارت الإضافة محضة يعني: معنوية.

وَإِنْ يُشَابِهِ الْمُضَافُ يَفْعَلُ وَصْفاً: بمعنى الحال أو الاستقبال.

فَعَنْ تَنكيرِهِ لا يُعْزَلُ: لا يُعزَل عن تنكيره، بمعنى أنه يبقى على أصله وهو أنه نكرة، ثم إذا أُضيف إلى معرفة أو إلى نكرة لا يستفيد منها تخصيصا ولا تعريفا، وهذا هو الفارق الجوهري بين النوعين.

في الإضافة الأولى قال: وَاخْصُصْ أَوَّلاَ ... أَوْ أَعْطِهِ التَّعْرِيفَ بِالَّذِي تَلاَ: هنا قال: فَعَنْ تَنكِيرِهِ لاَ يُعْزَلُ.

إذن: هو نكرةٌ قبل الإضافة، ثم إذا أُضيف .. وهو يُضاف إلى المعرفة أو يضاف إلى النكرة، حينئذٍ نقول: لا يُعزل يعني: لا يُنحّى عن تنكيره فيبقى على أصله، وهو أنه نكرة، سواء أُضيف إلى معرفة أو أُضيف إلى نكرة.

فَعَنْ تَنكِيرِهِ: الفاء هذه واقعة في جواب الشرط، فلا يُعزل، يقال: عزَلَه عن العمل نحّاه عنه، لا يُعزل بالإضافة؛ لأنه في قوّة المنفصل، يعني: بضمير الوصف.

ومعنى البيت: أن إضافة الصفة، والمراد بها هنا في هذا الموضع اسم الفاعل، ويدخل تحتَها أمثلة المبالغة والصفة المشبهة واسم المفعول فقط، إذا كان المضاف واحداً من هذه الأربعة وأُريد به الحال أو الاستقبال، حينئذٍ نقول: الإضافة لفظية، لا تُفيد المضاف تعريفاً ولا تخصيصاً، بمعنى أنه إذا أُضيف إلى النكرة لم يستفد التخصيص، كما هو الشأن في الإضافة المعنوية، وإذا أُضيف إلى المعرفة كذلك لا يستفيد تعريفاً كما هو الشأن في الإضافة المعنوية، ما الفائدة منها إذن؟ نقول: الفائدة منها: تخفيفُ اللفظ بحذف التنوين أو النون من المضاف؛ لأن الأصل: ضارب هذا، أنا ضاربٌ زيداً، ضاربٌ هذا تنوين وفيه ضمير الذي هو الفاعل، وزيداً هذا مفعول به للوصف، حينئذٍ نقول: أنا ضاربٌ زيداً، خفِّفهُ .. احذِف التنوين وأضفْ (ضارب) إلى (زيد)، يعني: أضفت العامل إلى معموله، فتقول: أنا ضارب زيدٍ، أنا: مبتدأ، وضاربُ: خبر، وهو مضاف وزيدٍ مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله.

أيهما أخفُّ في اللسان: ضاربٌ زيداً أو ضاربُ زيدٍ؟ لا شك الثاني أخفّ في اللسان، كذلك (جاء الضاربان الرجل)، فتقول: جاء الضاربا الرجل، حذفتَ النونَ فصار فيه نوعُ تخفيف كما هو الشأن في الأول، وأما من جهة المعنى فلا تُفيد هذه الإضافة لا تعريفاً ولا تخصيصاً، وإنما الفائدة منها فقط .. في باب اسم الفاعل دون الصفة المشبهة الفائدة منها التخفيف فحسب، وأما في باب الصفة المشبهة، فالمراد بها رفع القبح، وهذا يأتي شرحه في الصفة المشبهة.

إذن: معنى البيت:

وَإِنْ يُشَابِهِ الْمُضَافُ يَفْعَلُ ... وَصْفاً فَعَنْ تَنكِيرِهِ لا يُعْزَلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015