ثالثاً: (أل) المُعرِّفة، هذا يجب حذفها ولا نزاعَ فيها، وإنما الإضافة اللفظية هي التي يأتي الاستثناء فيها، (أل) المُعرِّفة وذلك في الإضافة المحضة مطلقاً بدون تفصيل، وأما الإضافة اللفظية فهذا سيأتي فيه تفصيل.
النوع الثاني: ما يجوزُ حذفه ولا يجب؛ وذلك تاء التأنيث، بشرطِ أن لا يُوقِعَ حذفها في لبسٍ، فإن أوقَعَ مُنِع، تاء التأنيث يجوز حذفها للإضافة بالشرط الذي ذكرناه، نحو عِدة وإقامة، يجوز أن تقول: عِدتُك وإقامتُك بذكرِ التاء، ويجوز الحذف، نحو: وإقام الصلاة، قيل: أصله إقامةُ الصلاة، وحُذِفت التاء هنا جوازاً لا وجوباً، ومنه قول الشاعر:
وَأَخْلَفُوْكَ عِدَا الأَمْرِ الَّذِي وَعَدُوا
يعني: عدة الأمر الذي وعدوا.
إذن: قد تُحذَف تاء التأنيث للإضافة عند أمن اللبس للشاهد الذي ذكرناه:
وَأَخْلَفُوْكَ عِدَا الأَمْرِ الَّذِي وَعَدُوا
أي: عدة الأمر، والحذف هذا جائز، حينئذٍ هل يرد على الناظم؟ لا، لا يرد؛ لأنه أرادَ أن يذكرَ ما يجب حذفه، وإنما يرِدُ عليه (أل) المعرِّفة، وأما تاء التأنيث لا؛ لأنه يجوز ذكرها ويجوز حذفها، وهو إنما عنى ما يجبُ حذفه عند الإضافة، فلا يَرِد على المصنف؛ لأن كلامه في الحذف الواجب الكثير، وحذفُ هذه التاء جائز على قلة، حيث أُمِن اللبس، وإلا لم يجز كما في تمرة وخمسة، ثم هو سماعي وقيل: قياسي.
نُوناً تَلِي الإِعْرَابَ أَوْ تَنْوِينَا ... مِمَّا تُضِيفُ احْذِفْ كَطُورِ سِينَا
ثم قال:
وَالثَّاني اجْرُرْ: لما أنهى ما يتعلّقُ بالأول بيّنَ حكم الثاني، انظر .. هنا غايَرَ بينهما، في الأول بيّنَ الصيغة التي يكون عليها المضاف، ولم يتكلّم عن حكمِهِ الإعرابي، والثاني: بيّنَ حكمَه الإعرابي ولم يتكلم على الصيغة.
قال: وَالثَّانِيَ: مفهومُه أن البيت الأول مُتعلّق بالأول الذي هو مضاف، فحينئذ: مِمَّا تُضِيفُ: يُراد به المضاف، احْذِفْ .. مِمَّا تُضِيفُ: يعني: من المضاف؛ بدليل قوله: وَالثَّانِيَ. طيب .. نُوناً تَلِي الإِعْرَابَ أَوْ تَنْوِينَا .. احذِف، هذا يتعلق بالإعراب أو بالصيغة؟ بالصيغة، سكتَ عن إعرابه.
ثم قال: وَالثَّاني اجْرُرْ: تكلّمَ عن الإعراب ولم يتكلّم عن الصيغة، سكتَ عن الحكم في الأول لبقائِهِ على أصله، وهو أنه على حسبِ ما يقتضيه من عوامل.
وَالثَّاني اجْرُرْ: بيّنَ حكمه لأنه مخالف للأصل، وسكتَ عن صيغته؛ لأنه ليس له ما يتعلّقُ به من جهة الصيغة، وإنما الحذفُ للتنوين ونحو ذلك يكون من الأول لا من الثاني.
إذن: فرقٌ بين البيت الأول والجزء الأول من البيت الثاني.
وَالثَّاني اجْرُرْ: يعني: والثاني من المتضايفين، وهو المُضاف إليه: اجْرُرْ، وجوباً أو جوازاً؟ وجوباً: وَالثَّاني اجْرُرْ: إذن: احذِف واجرُر، نقول: المراد بهما على أصلهما، وهو وجوبُ الأمر، يعني: مقتضاه الأصلي.