إذن: المضاف يكون بينَه وبينَ المضاف إليه نسبة تقييدية، يعني: الأول قيّدَ الثاني وحدّده، أضفتَ الأولَ إلى الثاني فاكتسبَ منه التقييد والتحديد. نسبةٌ تقييدية بينَ اسمين، فخرجَ بالتقييدية الإسنادية التامة، التي يُعنَوَن لها بالنسبة الكلية أو النسبة الأساسية، نحو: زيدٌ قائمٌ، وبما بعده نحو: قامَ زيدٌ؛ لأنه نسبةٌ بينَ فعل واسم، ولا ترِدُ الإضافة إلى الجمل؛ لأنها في تأويل الاسم، إذا قيلَ: بين اسمين، سيأتي معنا أن بعضَ الألفاظ يُضاف إلى الجملة، فكيف يقال: الإضافة هنا خاصّة بين اسمين؟ هل هذا تعارض؟ نقول: لا، ليسَ بتعارض؛ لأن المُضاف إليه إذا كان جملة، حينئذٍ يُؤوّل بالمفرد، ولذلك جعلنا المضاف والمضاف إليه مِن علامة الاسم، إذا جاءَ اللفظُ مضافاً قلنا: هو اسمٌ، ما الدليل؟ كونُه مضافاً؛ لأنه لا يكون مُضافاً إلا الأسماء، إذا جاءَ مضافاً إليه حينئذٍ حكمنا عليه بأنه اسمٌ، لماذا؟ لأنه لا يكونُ مضافاً إليه إلا الاسم، طيب: ((هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ)) [المائدة:119]، أُضيف يوم إلى ينفع، وهو جملة فعلية، نقول: هذا مُؤوّل بالاسم، فإذا أُوّل بالاسم حينئذٍ إما أن يكون مصدرا مضافاً إلى الاسم، وذلك إذا كان مُشتقّاً، وإما أن يكون كوناً مضاف إلى الاسم، وذلك إذا كان مشتقاً، وإما أن يكون كوناً مضاف إلى الاسم وذلك إذا لم يمكن تأويله على ما قيل في باب (أنّ) إذا كان الخبر مُشتقّاً حينئذٍ جِيءَ بمصدر .. إلى آخر ما ذكرناه سابقاً.
إذن: لا يُعترَضُ بإلإضافة إلى الجمل؛ لأنها في تأويل الاسم.
تُوجِبُ لثانيهما الجرّ أبداً. يعني: هذه النسبة لها أثرٌ، أثرٌ في الثاني الذي هو المضاف إليه على الصحيح، الثاني هو المضاف إليه، والأول هو المضاف، وهذا قولُ الجمهور، حينئذٍ المضاف يبقى على حاله من حيث تسلُّط العوامل عليه، فإن رُكِّب معه عامل يقتضي رفعَه رُفِع، أو عامل يقتضي نصبَه نُصِب، أو عامل يقتضي جرَّه جُرّ، وأما الثاني فيلزمُ الجرّ أبداً، لا يكون في حال من الأحوال مرفوعاً ولا منصوباً، إلا مِن حيث المحل؛ وذلك إذا أُضيف المصدر، وهي إضافته محضةٌ، إذا أُضيف المصدر إلى فاعله أو إلى مفعوله: ((وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ)) [البقرة:251]، (الله) هذا ثاني مجرور وهو مُضاف إليه، طيب في المحلّ هو فاعل، ولذلك نَصَبَ: (لَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ)، ضربُ زيدٍ عمروٌ شديد، نقول: عمروٌ هذا فاعل، وزيدٍ: مفعول به، لكن مِن حيث المعنى. نسبةٌ تقييديةٌ بينَ اسمين تُوجِب لثانيهما الذي هو المضاف إليه الجرّ أبداً، وسَكَتَ عن المضاف لأنه يكونُ بحسب العوامل.