أما (أضيفَ) تحركت الياء ولم يُفتح ما قبلها، ومع ذلك نطقت العرب بماذا؟ أضافَ، إذن: قلبوا الياء ألفاً، مع وجودِ بعض العلة، إما أن نقول: بأن العلة كما هي ثابتة بالنظرين السابقين حصلَ إعلال بالنقل، وإما ان نقول: اكتفاء بجزء العلة، إذن: الإضافة نقول: هذا مصدر، أضافُ يُضِيفُ إضافةً، ومصدرُ الأفعلَ هو الإفعال، والألف هذه هي ألف المصدر، حينئذٍ اجتمعَ عندنا ألفان، الألف المنقلبة عن عينِ الكلمة: الياء، وألف المصدر، اجتمعا لابد من حذفِ أحدهما، واختلفوا في أيّ الألفين المحذوف، والصواب أنه عينُ الكلمة، وأما ألف المصدر لا، ما جِيءَ به -كقاعدة مطردة معك- ما جيءَ به زيادة على الكلمة فهو حرف معنى لا يُحذَف، يُحذَف أصلٌ من الكلمة ولا يحذف هذا الحرف، لماذا؟ لأن الحرف هذا جِيءَ به لمعنى؛ للدلالة على المصدرية، وأما حرفُ الكلمة العين، هذا لو حُذِف لابد من شيء يدلُّ عليه، هذا الأصل، ولو بردّ الكلمة إلى أصولها، ولذلك: ((فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى)) [عبس:6]، اختلفَ النحاة: تتصدى هذا الأصل، بتائين، إحدى التائين هي حرفُ المضارعة، والتاء الثانية هي من أصل الكلمة: تتصدى، أي التائين محذوف؟ اختلفوا، قيل: حرفُ المضارعة وقيل التاء الأصلية .. مِن أصل الفعل، والصواب: أن المحذوف هو الذي مِن أصل الفعل، لماذا؟ لأن التاء التي هي حرفُ مضارعة لو حُذِفت لم يدل عليها شيء، وأما التاء التي هي أصلٌ لو حذفت لابد أنك تردّ الكلمة إلى أصلها، فتعرفُ أنه فعل مضارع، وأن أصله: تصدّى، هذا فعل ماضٍ: تتصدّى، دخلَ عليه حرفُ المضارعة، إذن: نقولُ الصواب في مثل هذا أن الذي حُذِف هو التاء الأصلية، يعني: مِن أصل الفعل، سواء كانت زائدة أو كانت أصلية، وأما حرفُ المضارعة فلا يمكن حذفُهُ؛ لأنه لا يدلُّ عليه شيء بعدَ حذفه، وهذه قاعدة عندَ النحاة أن المحذوف لا بدّ له من قرينة تدل عليه بعد حذفه، فلو حذفنا التاء الأصلية نقول: بإرجاعنا للفعل إلى أصله عرفنا المحذوف؛ نعرفه مباشرة، وأما التاء التي هي حرفُ المضارعة فلا؛ لأنها حرف معنى إنما زِيدت من أجل الدلالة على المضارعية.

هنا إضافة .. الإضافة مصدر، ولذلك وزنه الإفعال، أفعلَ يُفعِلُ إفعالاً، أكرمَ يُكرِمُ إكراماً، الألفُ هذه هل هي ألف أضاف، أم إفعال التي هي ألف المصدر؟ يحتملُ هذا وذاك؛ لأنه اجتمعَ عندنا ألفان: إضافة، ألف وألف لا يمكن النطق بها، حينئذٍ لابد من حذفِ إحدى الألفين، فيتعيّنُ أن يكون المحذوف هو عين الكلمة لا ألف المصدر، وهذا سيأتينا في باب المصدر.

الإضافة قلنا: مصدر أضافَ يُضيفُ إضافة، وهي في اللغة قيل: الإسناد، وقيل: الإمالة، ومنه ضافَت الشمسُ إلى الغروب يعني مالت، أو أَضفتُ ظهري إلى الحائط أملتُه إليه: فَلَمَّا دَخَلْنَاه أَضَفْنَا ظْهُورَنَا .. ففُسِّر أضفنا ظهورنا هنا بالإمالة، وفُسّر بالإسناد.

وأما في اصطلاح النحاة فلها معنى خاص، حقيقة عرفيّة عندهم، وهي: إما أن يقال بأنها إسناد اسم إلى غيره على تنزيل الثاني مُنزلة التنوين أو ما يقومُ مقامه، إسنادُ اسمٍ إلى غيره، على تنزيلِ الثاني منزلة التنوين مما قبلَه أو ما يقومُ مقامَ التنوين، إسنادُ اسم إلى غيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015