وَالّلامُ لِلْمِلْكِ: الّلامُ: مبتدأ، ولِلْمِلْكِ: خبر، والمراد للمِلك وللمُلك، يعني: يجوزُ ضمّ الميم وكسر الميم، للمِلك وللمُلك.
وذلك فيما إذا وقعت بين ذاتين ودخلت على مَن يملك، المال لزيدٍ، المال ذات وزيد ذات، وقعت اللام بين ذاتين ودخلت على من يملك، وَشِبْهِهِ قيل: المراد به الاختصاص، شبه الملك الاختصاص؛ وذلك إذا وقعت بين ذاتين ودخلت على ما لا يملك: الجلُّ للفرس، البابُ للدار، البابُ ذات والدارُ ذات، ودخلت اللام على أحد الذاتين لكن الدار لا تملك، وَالّلامُ لِلْمِلْكِ وَشِبْهِهِ، يعني: شبه الملك، وَفِي تَعْدِيَةٍ، وأما الاستحقاق هذا مشهورٌ عند النحاة خاصة المتأخرين، وهو ما إذا دخلت بين ذات ومعنى ودخلت على الذات: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ)) [الفاتحة:2]، الحمدُ هذا معنى، ولله ذات .. دخلت على الذات، إذن: نقول: هذه للاستحقاق، وبعضهم يُعبّر عن الكل بالاختصاص، حتى اللام الملكية، يقول: هذه للاختصاص؛ لأن مَن ملكَ شيئا اختصّ به، حينئذٍ يُعبّر عنها الجميع بلام الاختصاص، فتشملُ لامَ الملك ولامَ الاستحقاق ولام الاختصاص بالمعنى الخاص، وهذا لا إشكال فيه من باب الاصطلاح فحسب.
وَاللاَّمُ لِلْمِلْكِ وَشِبْهِهِ: المراد به الاختصاص، وَفِى تَعْدِيَةٍ قُفِي: قفي يعني اتُبِع، وفي تعدية: هذا متعلق به، أَيْضَاً: مفعول مطلق، آضَ يئيضُ أيضا، العامل فيه محذوف وجوباً، تأتي اللام للتعدية، يعني: تُعدّي الفعل إلى معموله، وذلك سبقَ معنا؛ إما في الفعل وإما في الوصف، في الفعل إذا ضَعُفَ على أن يُسلّط على معموله، وذلك فيما إذا تقدم: لزيدٍ ضربتُ، ضربتُ زيداً، زيداً ضربتُ، قلنا: لما تقدّمَ العامل على المعمول ضَعُفَ: ((إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ)) [يوسف:43]، تعبرون الرؤيا، لما تقدّمَ ضعُفَ، حينئذٍ احتجنا إلى واسطة، فعُدِّي باللام، هذه اللام للتعدية تُسمى، أو الفرع لذلك الوصف: ((فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ)) [هود:107]، يعني: لا تأتي اللام بعدَ الفعل أبداً، إذا قيل: ضربتُ لزيدٍ على أن زيد مفعول به، نقول: هذا شاذّ يُحفَظ ولا يُقاس عليه، إذا جاءت اللام بعد الفعل، لماذا؟ لأن الفعل قوي يتعدّى بنفسه لا يحتاج إلى واسطة، أما إذا تقدّمَ عليه معموله ضعُفَ أن يتسلط عليه فاحتاج إلى تقوية، فجاءت هذه اللام المقوية والمعدّية للفعل إلى معموله، فتقول: لزيدٍ ضربتُ، ومنه: ((تَعْبُرُونَ)) [يوسف:43]، هذا واضح أنه مُتعدٍّ بنفسه، والرؤيا مفعول به.
إذن: لماذا جِيءَ باللام؟ ((لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ)) [يوسف:43]، ((إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا)) [يوسف:43]، إن كنتم تعبرون الرؤيا، هذا الأصل، فلما تقدّمَ المعمول على عامله ضعُفَ يعني: تسلّطَ عليه، فاحتجنا إلى مُقوّي، وهو اللام.