وَمَا رَوَوْا مِنْ نَحْوِ رُبَّهُ فَتَى نَزْرٌ يعني: قليل؛ قلنا: (ما) موصوله بمعنى الذي مبتدأ, ونزر هذا خبره.

وَمَا رَوَوْا مِنْ نَحْوِ رُبَّهُ فَتَى نَزْرٌ كَذَا كَهَا الكاف هذه لا تدخل على الضمير, إذن لما خصَّ رب والكاف من الأحرف المختصّة بالظاهر، أشارَ هنا إلى أنهما قد يدخلان على المضمر قليلاً، ولذلك عبَّر بالنزر، إذن قد يدخلان رب والكاف على الضمير لكنه قليل.

كَذَا كَهَا وَنَحْوُهُ أَتَى قوله: (رُبَّهُ فَتَى) هذا مما قيل فيه بأن الضمير قد عادَ على متأخّر لفظاً ورتبة, (رُبَّهُ فَتَى) سبقَ أن الضمير يعودُ على متأخرٍ لفظاً ورتبة في ست مسائل؛ منها مميّز رُبّ (ربه فتيةً) فتيةً هذا مميز .. تميز، عادَ ضمير رب عليه, إذن: عاد على متأخر, فهو عائد على مُبهم في الذهن قبل ذكرهِ مؤخّراً تمييزاً؛ فلا يُنافي عدهم هذا الضمير مما يعود على متأخر لفظاً ورتبة, إذا قال (ربه) الضمير هنا قبل ذكر المميز عادَ على ماذا؟ نقول عائد على مبهم في الذهن مبهم في الذهن, ربه محتمل هذا عدة أوجه. إذن هو مبهم وجودُه وجود ذهني لا في الخارج, حينئذٍ نقول قبل ذكر التمييز عودُ الضمير مرجع الضمير إلى مبهم في الذهن قبلَ ذكره مؤخراً تمييزاً. حينئذٍ إذا ذكر اللفظ (ربه فتى) نقول عاد على متأخر في اللفظ والرتبة, ومذهب جماعةٍ كابن عصفور أن مثل هذا الضمير نكرة؛ الضمير الذي لا يكون مدخولاًَ لرب ولا مرجعُه لازمُ التنكير, نقول هذا بالإجماع معرفة, وأما الذي يكون في مثل هذا الموضع ففيه نزاع.

إذن: إذا قيل الضمير هل هو معرفة أو لا؟ نقول: الضمير فيه مَبحثان: مبحث أنه مجمع عليه، وهو ما عدا ضمير رب, وما عدا الضمير الذي يعودُ على واجب التنكير، هذا معرفة بالإجماع.

وأما إذا كان مدخول رب (مجرور رب) فهذا محل نزاع, فيه نزاع, قيل نكرة وقيل معرفة فيه قولان.

قال ابن عصفور: إن مثل هذا الضمير نكرة؛ لأنه عائد على واجب التنكير؛ ما هو واجب التنكير هنا؟ مدخول رب، وقال جماعة كالفارسي: معرفة جار مجرى النكرة؛ يعني كأنه قال معرفة يفسر بنكرة، ولذلك مرجعه فتية: (ربه فتى)، وسيأتي (ربه فتية)، (ربه فتى) فتى هذا تمييز وهو نكرة وهو مرجع الضمير, وقد يُعطف على مجرورها مضاف إلى ضميره؛ نحو رب رجلٍ وأخيه, وأخيه مرجع الضمير هنا رجل. إذن عاد إلى نكرة لأنه نكرة تقديراً، إذ التقدير وأخ له. إذن جاز (وأخيه) لأن الضمير هنا في المعنى نكرة؛ كأنه قال رب رجل وأخٍ له؛ لم يتعرف بالإضافة؛ لأنه أُضيف إلى ضمير ليس بمعرفة, وإنما هو نكرة. إذ التقدير وأخ له، وإنما لم يجز (رب أخي الرجل) هذا لا يجوز، لأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع, وأما (ربّ رجل وزيدٍ) لا يجوز لماذا؟ لأن مدخول رب لا يكون إلا نكرة وإذا عطفت عليه عَلماً معرفة حينئذٍ صار مدخولاً لرب، كما هو الشأن الذي مضى معنا في اسم لا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015