قال الناظم رحمه الله تعالى:
بِالظَّاهِرِ اخْصُصْ مُنْذُ مُذْ وَحَتَّى ... وَالْكَافَ وَالْوَاوَ وَرُبَّ وَالتَّا
وَاخْصُصْ بِمُذْ وَمُنْذُ وَقْتاً وَبِرُبْ ... مُنَكَّرَاً وَالتَّاءُ للهِ وَرَبْ
وَمَا رَوَوْا مِنْ نَحْوِ رُبَّهُ فَتَى ... نَزْرٌ كَذَاكَهَا وَنَحْوُهُ أَتَى
هذا شروع في التفصيل؛ عدّها لك في بيتينِ، ثم بدأ يفصل لك أحكام هذه الحروف, ومن أحكامها أنَّ منها ما يختصُّ بالظاهر، لأن الاسم نوعان: ظاهر ومضمر, منها ما يختصّ بالظاهر لا يدخل على المضمر، ومنها ما يدخل على الظاهر وعلى المضمر؛ ما يختص بالظاهر فحسب سبعة أحرف سبعة فقط.
بِالظَّاهِرِ اخْصُصْ مُنْذُ مُذْ وَحَتَّى هذه ثلاثة وَالْكَافَ وَالْوَاوَ وَرُبَّ وَالتَّا هذه أربعة صارت سبعة.
إذن: هذه السبعة لا تدخلُ إلا على الاسم الظاهر ولا تدخل على الضمير فإن جرّت الضمير حينئذٍ إما أن يقال بأنه قليل، وإما أن يقال بأنه شاذ, إذا جرّت الضمير حينئذٍ إما أن يقال بأنه قليل نزر يعني لا يُحفظ ولا يُقاس عليه وإما أن يقال بأنه شاذ.
بِالظَّاهِرِ اخْصُصْ مُنْذُ اخصص منذُ, منذُ هذا في محل نصب مفعول به قُصِد لفظه، ولذلك عطف عليه وَالْكَافَ بالنصب ظهرَ عليه النصب؛ أما مُنْذُ ومُذْ وَحَتَّى فهذه محكية كما هي؛ حينئذٍ مُنْذُ هذا في محل نصب مفعول به قصد لفظه.
ومُذْ بإسقاط حرف العطف معطوف عليه, وَحَتَّى كذلك معطوف عليه, وَالْكَافَ بالنصب عطفاً على مُنْذُ فظهرَ عليه الفتح.
بِالظّاهِرِ اخْصُصْ، بِالظّاهِرِ الباء داخلة على المقصور عليه عكس الآتي: وَاخْصُصْ بِمُذْ وَمُنْذُ وَقْتاً، بِالظّاهِرِ اخْصُصْ مُنْذُ مُذْ وما عُطف عليه. مفهومه أن ما عدا هذه السبعة تدخل على الظاهر والضمير؛ فلذلك لم يحتج إلى التنصيص عليه؛ لأنه قدّمَ ما حقّه التأخير.
بِالظّاهِرِ اخْصُصْ: اخصص بالظاهر, بالظاهر لا بغيره, وهو المضمر حينئذٍ تختص هذه الأحرف السبعة بالظاهر دون المضمر, وإنما اختصت هذه السبعة بالظاهر لضعف غالبها؛ باختصاص بعضه بالوقت، وبعضه بالمنكر، وبعضه بالآخر، أو المتصل بالآخر, وكون بعضها عوضاً عن باء القسم كالواو مثلاً لا أصلاً فيه، وغرابة الجر ببعضها ولتأدية إدخال الكاف على الضمير إلى اجتماع كافين (كك) بنحو: كك وطرداً للباب في المنع.
إذن: هذه السبعة ليست على مرتبة واحدة؛ بمعنى إذا قيل أنها تختص بالظاهر؛ هل كل ظاهر تدخل عليه؟ لا سيأتي أن مذ ومنذُ خاصة بالوقت.
وَاخْصُصْ بِمُذْ وَمُنْذُ وَقْتاً وكذلك ربّ خاص بالنكرة دون المعرفة، كذلك التاء تاء القسم تخص لفظ الجلالة وتدخل بقلة على على رب.
إذن: ليست بمرتبة واحدة. إذن هي ضعيفة. إذا لم يتصرف في العامل مطلق التصرف صار فيه نوع ضعف, العامل القوي يتصرف بدون استثناء, فالحرف الذي يدخل على الظاهر كل ظاهر وعلى الضمير أي ضمير من المحفوظات نقول هذا أقوى, وما اختصّ بالظاهر أدنى منه، ثم ما كان مختصاً بالظاهر أي ظاهر نقول هذا أقوى مما اختص بظاهرٍ لا يكون إلا زمنا أو لا يكون إلا نكرة, فهي متفاوتة، لهذا التفاوت حينئذٍ خصّها الناظم بما ذكر.