إذاً: حصلت الفائدة بتقديم الجار والمجرور وإن كان متعلقاً بالخبر، وهذا لا يجوز عندهم لكن للضرورة ولكونه جاراً ومجروراً، فِعل: بكسر الفاء وإسكان العين، الفعل بكسر الفاء: اسم لكلمة مخصوصة، يعني: اسم مسماه لفظ، زيد، قلنا: هذا مسماه الذات، والفعل مسماه: قام يقوم قم، هذا مسمى، وفعل اسمه، كما نقول: زيد مسمى واسمه اسم، اسم: هذا لفظه، مسماه: زيد وعمرو، قام: مسمى، اسمه: فعل، إذاً: الفعل بكسر الفاء وإسكان العين، اسم لكلمة مخصوصة، احترازاً من الفعل بفتح الفاء فهو من الأحداث مصدر، هذا عند النحاة، مصدر فَعَلَ.
لكن المكسور في اللغة فِعْل، بمعنى اسم المفعول، يعني: يأتي بمعنى اسم المفعول كما ذكره في الكشاف: ((وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ)) [الأنبياء:73] يعني: مفعولات الخيرات، وكون مكسور الفاء اسماً لما ذكر، ومفتوح الفاء مصدراً له بحسب الاصطلاح، وأما في اللغة فهم مصدران، إذاً: فعل، يأتي المصدر منه فِعْلٌ وفَعْلٌ.
وأما عند النحاة فلا، فرقوا بينهما مجرد اصطلاح، فالفعل اسم لكلمة مخصوصة، ما مصدره؟ قالوا: الفَعْلُ، وهذا مجرد اصطلاح، فِعْلٌ يَنْجَلِي يعني: يظهر ويتضح ويتميز عن أخويه بأربع علامات ذكرها متوالية، قال:
بتا فعلتَ، يعني: بتا، تا .. هذه قالوا: يتعين القصر هنا للوزن، وإن كان لغةً فيه .. يتعين القصر هنا للوزن، وإن كان في نحو الباء والتاء والثاء المد والقصر، الباء: با وباءٌ .. تا وتاءٌ .. ثا وثاءٌ، يجوز فيه المد والقصر، ولكن هنا يتعين فنقول: لغة فيه، ولا نقول إلا من أجل بيان أنه لا بد منه للوزن.
بتا فعلت: بتا، أي: الفاعل، لماذا؟ لأن تا مضاف، وفعلت: مضاف إليه، وهو جملة في الأصل، لكنه قصد لفظه، فلما قصد لفظه صار علماً، فعندنا مضاف ومضاف إليه، بتا فعلت، يعني: بتا الفاعل، سواء كانت مضمومةً نحو فَعَلْتُ، أو مفتوحةً نحو فَعَلْتَ، أو مكسورةً نحو فَعَلْتِ، وهنا بماذا نضبطها، بتا فعلْتَ، أو فعلْتُ، أو فعلْتِ؟ يجوز الأوجه الثلاثة، ولكن قيل: الرواية بالفتح، بتا فعلتَ، وروي في روايةٍ مختلف في تصحيحها: بتا فعلْتُ على أنها بالضم.
على كل هذا أو ذاك قل ما شئت؛ لأنه ليس بكلامٍ وحي، حينئذٍ أقول: بتا فعلْتَ .. بتا فعلتُ .. بتا فعلْتِ، يجوز الأوجه الثلاثة وإن كان المشهور أنه بالفتح.
إذاً: بتا، أي: بتا الفاعل، متكلماً نحو فعلتُ بالضم، أو مخاطباً نحو: تباركتَ يا الله، فعلتَ، أو مخاطبةٍ نحو: قمتِ يا هند بكسرها، فحينئذٍ مراد الناظم هنا لو قلنا بأحد الأوجه بتا فعلتُ، هل المراد به خصوص التاء المضمومة أو المراد به ما هو أعم؟ أعم؛ لأن ثم فرقاً بين المخاطب والمتكلم، والمخاطبة، فحينئذٍ إذا قيد اللفظ بحركة معينة ولا بد من تقييده نقول: بتا فعلتُ المضمومة على جهة الخصوص أو المراد به العموم؟ الثاني: المراد به العموم.
إذاً: ليس مراد الناظم بقوله: بتا فعلتَ خصوص التاء سواء كانت مضمومة أو مفتوحة على الوجهين، بل التاء تاء الفاعل مطلقاً، سواء كانت مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة من ذكر الملزوم وإرادة اللازم على طريق الكناية أو المجاز المرسل، يعني: مجاز.