وَفِي مُبْدِي تَأَوُّلٍ بِلاَ تَكَلُّفِ: وَفِي يعني يكْثُرُ الْجُمُودُ فِي سِعْرٍ، وَفِي مُبْدِي، يعني: وفي حالٍ مبدي، أو في كل مبدي، مُبْدِي يعني مظهر، تَأَوُّلٍ بمشتقٍ، بِلاَ تَكَلُّفٍ وتعسفٍ، يعني الجامد إذا وقع حالاً حينئذٍ الشراح اختلفوا في كلام ابن مالك هذا؛ هل يعني ابن مالك رحمه الله أن الجامد الذي يقع حالاً منه ما يؤول بمشتقٍ ومنه ما لا يؤول بالمشتق؟ فتصير القسمة ثنائية، أم كل جامد يؤول بمشتق؟ على قولين: بعضهم قسم الجامد إلى نوعين: جامد يؤول بمشتق، وجامد غير مؤول بمشتق، والسبب في هذا: تعبيره هو قال: وَيكْثُرُ الْجُمُودُ فِي سِعْرٍ، ثم قال: وَفِي مُبْدِي عطف، والأصل في العطف يقتضي المغايرة، إذاً ابن مالك مثل للجامد بنوعيه: جامد يكثر فيه الجمود ولم يؤول بمشتق؛ يبقى على ظاهره كما هو؛ لأن تأويله بمشتق هذا فيه تكلف فيبقى على ظاهره، وفي جامدٍ يمكن تأويله بدون تكلف وتعسف، فالقسمة ثنائية، وعلى هذا مشى ابن هشام رحمه الله تعالى في التوضيح، وأكثر الشراح لا؛ على أن الجامد نوعٌ واحد، فكل جامد يقع حالاً حينئذٍ لا بد من تأويله، وابن الناظم على هذا .. جامد ثم كل جامد يمكن تأويله بدون تكلف؛ حينئذٍ قوله: بِلاَ تَكَلُّفِ هذا صفة لبيان الواقع، فكل حال وقعت جامدة حينئذٍ أُوِّلت بمشتق، بِلاَ تَكَلُّفِ نقول: هذه صفه لازمة أو لبيان الواقع؟ يعني هل هي للاحتراز أم لبيان الواقع؟ إذا قلنا: كل جامد يؤول بمشتق فهي لبيان الواقع، وعليه يكون قوله: مُبْدِي تَأَوُّلٍ بِلاَ تَكَلُّفِ من عطف العام على الخاص، ولذلك قال المكودي: ظاهر كلامه وَيكْثُرُ الْجُمُودُ فِي سِعْرٍ أن الدال على سعر ليس داخلاً في مُبْدِي تَأَوُّلٍ، وليس كذلك، ظاهر كلامه -وهو الصحيح هذا ظاهر كلامه- أن الدال على السعر ليس داخلاً في المبدي للتأول، وليس كذلك بل منه، وحينئذٍ يعتذر للناظم بأنه عطف العام على الخاص، وهذا لا إشكال فيه، وابن هشام وقف مع الظاهر قال: لا بل الجامد نوعان: جامد لا يؤول وهو المبدي، وهو الدال على السعر، وعطف عليه بعض المسائل، والجامد الذي يمكن تأويله، هذا قسم آخر، فجعل القسمة ثنائية.
وَفِي كل مُبْدِي أبدا الشيء إذا أظهره، تَأَوُّلٍ بمشتق، بِلاَ تَكَلُّفِ يعني بلا تعسف، مثل: يداً بيد .. ما دل على مناجزة ومقابضة، يَدًّا بِيَدْ .. بعته يَدًّا بِيَدْ، يَدًّا نقول: هذا حال، يَدًّا لوحدها، وبِيَدْ هذا جار ومجرور متعلق به، والإعراب فيه كالسابق .. يجوز فيه الوجهان: على النصب يداً كائنة مع يدٍ، وعلى الرفع يدٌ منه على يدٍ مني، إذاً ما دل على مقابضة أو مفاعلة أو مناجزة نقول: هذا حال، في الأصل أنه جامد لأن يد هذا جامد، فحينئذٍ ما مراده إذا قال: بعته يَدًّا بِيَدْ؟ يعني مقابضة أو مناجزة، إذاً ما دل على مفاعلة بين اثنين .. إذا وقعت الحال دالة على مفاعلة بين اثنين حينئذٍ نقول: هي جامدة لكن مؤولة بالمشتق.