لكِنْ لَيْسَ ذلك مُسْتَحَقَّا هذا تتميمٌ للبيت قيل: لجواز الاستغناء عنه بـ (يَغْلِبُ)، يعني: كثير، يغلب وجوده في كلامهم، وقيل: ليس حشواً .. ليس تتميماً للبيت؛ لأن قوله: يَغْلِبُ قد يوهم أنه واجب في الفصيح؛ يعني: لا تتكلم بحالٍ غير منتقلة، فإن تكلمت بحالٍ غير منتقلة وقعت في الشذوذ أو غيره، وكذلك لا تتكلم بحال غير مشتقة، لا، ليس هذا المراد، وإنما المراد أن كلاً منهما فصيح؛ إلا أن الأفصح أن تكون الحال منتقلة، وأن الأفصح أن تكون الحال مشتقة، إذا لم تأت بالحال منتقلة ولا مشتقة حينئذٍ لم تخرج عن الفصيح، لذلك قال: لكِنْ لَيْسَ مُسْتَحَقَّا، فدفع به توهمَ أن يكون الغالب واجباً لا يجوز العدول عنه .. دفع توهمَ أن يكون الغالب واجباً في الفصيح، وضمير لَيْسَ إما للكون، وَكَوْنُهُ، لكِنْ لَيْسَ: ليس الكون مستحقاً، وحينئذٍ يكون مستحَقاً بفتح الحاء، وإما للحال لكن ليس الحال مستحقاً، حينئذٍ يكون بكسر الحاء، لَيْسَ أين اسمها؟ ضمير مستتر، ما مرجعه؟ يحتمل وجهين: إما أن يكون الكون: وَكَوْنُهُ مُنْتَقِلاً، إذاً كونه منتقلاً هذا محكوم به، لَيْسَ مُسْتَحَقَّا بالفتح، ولَيْسَ ذلك مُسْتَحَقَّا ليس الحال مستحقاً لكونه منتقلاً أو مشتقاً، مستحقاً بفتح الحاء على أنه اسم مفعول، والضمير فيه عائدٌ على الكون، وقيل: على الفاعل لـ (يَغْلِبُ)، أي: ليس كونه منتقلاً مشتقاً مستحقاً، ويجوز كسر الحاء على أنه اسم فاعل، ويكون الضمير فيه عائداً على الحال، ولا بد حينئذٍ من مجرورٍ محذوف، ويكون معمولاً لـ مستحقاً، والتقدير ليس الحال مستحقاً لكونه منتقلاً مشتقاً، إذا جعلناه بالكسر لا بد من مجرور محذوف، وليس ذلك مستحقاً لكونه منتقلاً مشتقاً، وإذا جعلناه لكون أو فاعل يغلب حينئذٍ لا نحتاج إلى المحذوف.

إذاً: الأكثر في الحال أنها تكون منتقلة مشتقة.

وقد تأتي الحال جامدة، وقد ذكر الناظم بعضاً منها؛ ذكر ثلاثاً أو أربع مسائل مما جاء فيه الحال جامداً.

وَيَكْثُرُ الْجُمُودُ فِي سِعْرٍ وَفِي

كَبِعْهُ مُدّاً بِكَذَا يَدّاً بِيَدْ ... مُبْدِي تَأَوُّلٍ بِلاَ تَكَلُّفِ

وَكَرَّ زَيْدٌ أَسَدَاً أَيْ كَأَسَدْ

وَيكْثُرُ الْجُمُودُ، يكْثُرُ، قال: هناك يَغْلِبُ، غير الغالب كثير أو قليل؟ غير الغالب الأصل أنه قليل، وهنا قال: وَيكْثُرُ الْجُمُودُ، الكثرة هنا باعتبار الاشتقاق أو الجمود؟ الجمود، إذاً هنا الكثرة نسبية فباعتبار الجامد الْجُمُودُ فِي السِِّعْرٍ نقول: هذا أكثر من غيره، فثم الجامد نوعان: يكْثُرُ فِي سِعْرٍ، فما كان هذا الباب -باب سعرٍ ونحوه يَدّاً بِيَدْ أو بِعْهُ مُدّاً بِكَذَا- نقول: هذا الباب الجمود فيه كثير من وقوع الجمود في غير هذا الباب كـ مُبْدِي تَأَوُّلٍ بِلاَ تَكَلُّفِ .. وَكَرَّ زَيْدٌ أَسَداً أَيْ كَأَسَدْ.

إذاً الجمود يختلف، فالأبواب ليست متحدة، أكثر ما يكون الجمود في سعر، وما عداه من الأبواب فهو أقل، وكلاهما باعتبار غير الغالب قليل؛ كلا البابين ما كثر فيه الجمود وما قل باعتباره غير غالب قليل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015