الْحَالُ وَصْفٌ فَضْلَةٌ مُنْتَصِبُ، قيل الأولى أن يكون قوله كَفَرْدَاً أَذْهَبُ تتميماً للتعريف، لأن قوله مُنْتَصِبُ وهذا تعريف للشيء بحكمه، وأيضاً لم يُقيد منتصب باللزوم، فإن كان مراده فحينئذٍ يخرج النعت المنصوب؛ كرأيت رجلاً راكباً، فإنه يُفهم في حال ركوبه، وإن كان ذلك لا بطريق القصد؛ يعني دلالته على الهيئة لا بطريق القصد، فإن القصد إنما هو تقييد المنعوت فحسب، لا علاقة له بالعامل، فوقع بيان الهيئة ضمناً لا قصداً يعني في النظر إلى النعت كونه مبيناً للهيئة أو لا؛ نقول نعم هو مبين للهيئة؛ كالحال، إلا أن تبيين الهنيئة في النعت لا يتعدى المنعوت ثم هو ضمناً لا قصداً، وأما الحال فلها تعدٍّ إلى العامل وإلى نفس صاحب الحال، وبيان الهيئة يكون مقصوداً بالذات، يعني ما جيء بالحال إلا من أجل كشف الهيئة، بخلاف النعت، وإنما يُرد به تمييزه عن غيره من الأشخاص؛ "رأيتُ رجلاً راكباً" راكباً أنتَ جئتَ براكب لماذا؟ لتميّز أن الرجل منه ما هو راكب ومنه ما ليس براكب؛ أنتَ قصد ماذا؟ راكباً، إذن أردتَ تعيين الشخص وجاءت الوصفية بالركوب تبعاً لا قصداً.
الْحَالُ وَصْفٌ فَضْلَةٌ مُنْتَصِبُ ... مُفْهِمُ فِي حَالِ كَفَرْدَاً أَذْهَبُ
هنا فيه جوازُ تقديم الحال على العامل وصاحبه، أذهب فرداً، صاحب الحال ضمير مُستتر، وأذهب هذا هو العامل.
قال الشارح: عرّف الحال بأنه الوصف الفضلة المنتصبُ للدلالة على هيئته، نحو كَفَرْدَاً أَذْهَبُ، ففرداً حال لوجود القيود المذكورة فيه، وخرجَ بقوله فَضْلَةٌ الوصف الواقع عمدة، وبقوله بالدلالة على الهيئة كذلك التمييز المشتق: لله دره فارساً, هنا لم يُرد به الدلالة على الهيئة وإنما التعجب؛ كونه متعجباً منه؛ لله دره فارساً، كأنه أُعجب بفروسيته، بل التعجب من فروسيته فهو لبيان المتعجب منه لا لبيان الهيئة، وكذلك رأيت رجلاً راكباً؛ فإن راكباً لم يسق للدلالة على الهيئة، بل لتخصيص الرجل، وقول المصنف مُفْهِمُ فِي حَالِ هو معنى قول للدلالة على الهيئة. إذن الوصف جنسٌ يشمل الخبر والنعت والحال، وفضلة مخرج للخبر، ومنتصب مخرج لنعتي المرفوع والمخفوض كجاءني رجل راكبٌ ومررت برجل راكبٍ، ومُفْهِمُ فِي حَالِ كذا مخرج لنعت المنصوب كرأيت رجلاً راكباً، فإنه إنما سِيق لتقييد المنعوت وهو لا يُفهم في حال كذا بطريق القصد وإنما بطريق التبعية.
وكذلك يُقال في الحال أنها على معنى في، وهذا من الفوارق بين التمييز والحال، وأن الحال إنما يكون على معنى في، والتمييز يكون على معنى من، وسبق شيئ آخر أنه يكون على معنى كيف، ضابط الحال أنه يقع في جواب كيف، جاء زيد، كيف؟ راكباً، جاء عمروٌ، كيف؟ ماشياً .. الخ.
في حال كذا فهو على نية الإضافة فيُقرأ بلا تنوين، أخرجَ به التمييز في نحو "لله دره فارساً" أي من كل تمييزٍ وقع وصفاً مُشتقّاً لأنه على معنى (من) لا (في)، لأنه لبيان جنس المتعجب منه.
وَكَوْنُهُ مُنْتَقِلاً مُشْتَقَّا ... يَغْلِبُ لكِنْ لَيْسَ مُسْتَحَقَّا