الثالث: أنها تكونُ فعلاً متعدّياً متصرفاً؛ تقول: حاشيته، بمعنى استثنيته، وهذه حاشا تُكتب بالألف .. الألف بصورة الياء لأنها رُباعية، الفرقُ بينها وبين حاشا الاستثنائية أن حاشا الاستثنائية تُكتب ألف .. عصا، وأما حاشى التي تكون فعلاً استثنائياً إنما تكتب بالياء على صورة الياء، تُكتب ألفاً وياءً لكونها رابعة.
إذن خلاصة ما ذكره الناظم: أن الاستثناء يكون بأدواتٍ ثمانية؛ الأم فيها (إلا)، ثم ما بعدها فهو محمول عليها، ولذلك قد يُعرب في بعضها خبراً كما هو في ليس ولا يكون، ويُعرب مفعولاً به كما هو في خلا وعدا.
بَابُ الْحَالِ
قال رحمه الله: بَابُ الْحَالِ: أي هذا باب الحالِ، وهو من المنصوبات مما يجب نصبه ولا يجوز جره، وهو واجب النصب، قد سمع أو قيل: لم أجئ بمبكرٍ، لم أجي مبكراً، هذا الأصل، الأصل في الحال واجبة النصب، ولكن دخلت عليها الباء الزائدة، قيل: لم أجيء بمبكرٍ، حينئذٍ نقول الباء حرف جر زائد، مبكرٍ حالٌ منصوبٌ واجب النصبِ، وعلامته فتحةٌ مقدرة على آخره منعَ من ظهوره اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، لكن هذا يُحفظُ ولا يقاس عليه، ليس كالمبتدأ والفاعل والمفعول به هناك, هناك يجوز دخول حرف الجر الزائد عليه، وأما الحال لا، لأنها ملازمة للنصب.
الْحَالُ: الألف هذه منقلبة عن واو، وأصلها حَوَلٌ فَعَلٌ تحركت الواو وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفاً، لجمعها على أحوال وتصغيرها على حُويلة، إذن الواو رجعت، وهذا سبق معنا إذا أشكل عليك الألف هذه منقلبة عن واو أو ياء حينئذٍ ردّها إلى الجمع, الجمع يردّ الأشياء إلى أصولها، وكذلك التصغير يرد الأشياء إلى أصولها، فحينئذٍ يجمع حال على أحوال ويصغر حال على حويلة، واشتقاقها من التحول، ولذلك اشترط فيها الانتقال، وَكَوْنُهُ مُنْتَقِلاً مُشْتَقَّا يَغْلِبُ .. لماذا؟ لأنها مأخذوةٌ من التحول، والحال يُذكّر لفظه ويؤنث، وهي في اللغة ما عليه الإنسان من خيرٍ أو شر، وعلى الوقت الذي أنت فيه، يعني يُطلق على هذا وذاك، يطلق على الوقت الذي أنت فيه، يُقال حال ويُطلق على ما عليه الإنسان من خيرٍ أو شر، ومن جهة اللفظ يُذكر ويؤنث يُقال: حالٌ وحالةٌ؛ يجوز فيه الوجهان، إلا أن تجريده من التاء أفصح، ولذلك جاء:
إِذَا أعْجَبتْكَ الدَّهرَ حالٌ مِنِ امْرِىءٍ ... فَدَعْهُ وواكِلْ أَمْرَهُ واللَّيالِيَا
إذن: جاء لفظ حال بدون تاء، وكذلك جاء بالتاء:
عَلَى حَالَةٍ لَوْ أَنَّ في الْقَوْمِ حَاتِماً ... عَلَى جُودِهِ ظَنَّتْ بِهِ نَفسُ حَاتمِ
إذن: يجوز الوجهان، والترك أفصح، إذا قيل: حالةٌ حينئذٍ وجب التأنيث مراعاةٌ للفظ، فتقول حالةٌ حسنةٌ، وتحسنت حالةُ زيدٍ، وحسنت حالةُ زيدٍ، واجب التأنيث، لأن اللفظ مؤنث، على التفصيل السابق فيما إذا كان مجازي التأنيث.