يعني هاتين اللغتين، حَاشَا الحرف الأخير على رأي سيبويه، وهي مثل خلا عند غيره. حرفٌ مطلقاً عند سيبويه لا تخرج عن الحرفية، ولكن عند الناظم وكثير من النحاء أن خلا وحشا بمعنى واحد؛ يعني تكون حرفاً وتكون فعلاً؛ تكون حرفاً يُجر بها، وفعلاً يُنصب ما بعدها، فتقول: جاء القوم حاشا زيدٍ حاشا زيداً، ولا يصح أن يُقال جاء القوم ما حاشا زيداً، لأن حاشا لا تدخل عليها ما، إذن قوله: وَكَخَلاَ حَاشَا، حاشا كخلا؛ كَخَلاَ هذا خبرٌ مقدّم، وحَاشَا هذا قُصد لفظه مبتدأ مؤخر. حاشا كخلا في ماذا؟ في جواز جر المستثنى بها ونصبه، يعني يُجرّ ما بعدها ويُستثنى بها أولاً، حاشا كخلا في كونه يُستثنى بها، هذا أولاً من جهة المعنى، لأننا نحتاج أن نثبت أن هذا الحرف مما يصح الاستثناء به، هذا أولاً من جهة إثبات الاستثناء بحاشا، ثم عملها نقول: هي مثل خلا عند الجمهور؛ بمعنى أنه يُجرّ بها ما بعدها، ويُنصب بها ما بعدها، فكما تقول جاء القوم خلا زيدٍ وخلا زيداً؛ إن جررت فهي حرفٌ، وإن نصبت فهي فعلٌ، مثلها حاشا فتقول قام القوم حاشا زيداً؛ فهي فعلٌ لأنك نصبت بها، وحاشا زيدٍ فهي حرفٌ لأنك جررت بها، ولا يتعين النصب؛ لأن النصب هناك تعين في عدا وخلا لماذا؟ لتقدم ما المصدرية عليها. إذن لخارجٍ عن مجرد اللفظ، وأما هنا فلا؛ لا يتعين النصب لأن ما المصدرية لا تدخل على حاشا، وَكَخَلاَ حَاشَا، إذن هذه ثلاثة ألفاظ خلا وحاشا وعدا يُجر بهن وينصب بهن، تكون فعلاً يعني من حيث هي بقطع النظر عن تقدم ما، خلا وعدا وحاشا يُجر بهن المستثنى، وينصب بهن المستثنى، إن جررت فهن حروف، وإن نصبت فهن أفعالٌ، إذا جررت بالثلاثة فقلت: خلاي وحاشاي وعداي بدون نون الوقاية؛ إذا جررتَ بها الياء قلت: عداي وحاشاي وخلاي، مثل لي ولك، وما إلى ذلك، وإن نصبت فبنون الوقاية؛ خلاني حاشاني عداني، إن نصبت حينئذٍ لا بد من نون الوقاية، لأنها فعل:

وَقَبْلَ يَا النَّفْسِ مَعَ الْفِعْلِ التُزِمْ ... نُونُ وِقَايَةٍ وَلَيْسي قَدْ نُظِمْ

وهو الشاهد.

إذن خلاني عداني حشاني، نقول: إذا نصبت بهن حينئذٍ لزمت نون الوقاية، وإذا لم تنصب حينئذٍ تقول: خلايا وعدايا وحاشايا، ويجوز في خلاك وخلاه وحاشاكا وحاشاه وعداك وعداه كون الضمير منصوباً أو مجروراً، لأن هذه الضماير تأتي في محل نصب وتأتي في محل جر، لك .. ضربتك، إذن لو جاءت بعد خلاك وخلاه، نقول هذا يحتمل النصب ويحتمل الجر، فيوجّه على الاحتمالين، وَلاَ تَصْحَبُ مَا: يعني لا تتقدم عليها ما المصدرية، وهذا مرده إلى لسان العرب، وَقِيلَ حَاشَا بدون ألف حاشا بالألف، وحاشْ، إذا وقفت عليه، وحاشَ بالفتحة فقط في حال الوصل، وَحَشَا تحذف الألف التي بين الحاء والشين تقول حشا، فَاحْفَظْهُمَا يعني احفظ هاتين اللغتين زيادةً على حَاشَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015