فَمَا لِيَ إِلاَّ آلَ أَحمدَ شِيعَةٌ ... وَمَا ليَ إِلاَّ مَذهَبَ الحقِّ مَذْهبُ
وقد روي رفعه، فتقول: ما قام إلا زيدٌ القومُ.
فَمَا لِيَ إِلاَّ آلَ أَحمدَ شِيعَةٌ ... وَمَا ليَ إِلاَّ مَذهَبَ الحقِّ مَذْهبُ
روي بالوجهين: بالنصب وبالرفع.
قال سيبويه: حدثني يونس: أن قوماً يوثق بعربيتهم، يقولون: ما لي إلا أخوكَ ناصرٌ .. ما لي ناصرٌ إلا أخوكَ، الأصل: ما لي ناصرٌ إلا أخوكَ .. أخاكَ، يجوز فيه الوجهان، والإتباع هو المختار: ما لي ناصرٌ إلا أخوكَ.
وأعربوا الثاني بدلاً من الأول على القلب، البدل لا يكون أعم من المبدل منه -هذا الأصل-، إذا قلت: ما قام القومُ إلا زيدٌ، زيدٌ: بدل بعض من كل، ولا شك أن زيد فرد من القوم لا إشكال فيه، لكن: ما قام إلا زيدٌ القومُ، البدل لا يكون أعم من المبدل منه، فكيف نفعل هنا؟ قالوا: هذا يُعرب على البدل لكن على القلب، فيكون المتأخر هو المبدل منه والمتقدم هو البدل.
وأعربوا الثاني بدلاً من الأول على القلب، ووجهه: " أن العامل فُرِّغ لما بعد (إلا) وأن المؤخر عامٌ أريد به الخاص " هكذا قال ابن هشام في الأوضح، يعني: أَوَّلَ الثاني: ما قام إلا زيدٌ، القوم على أنه عامٌ أريد به الخاص، وهذا يتنافى مع تعريف الاستثناء بأنه إخراج، إذا كان الثاني عامٌ أريد به الخاص إذاً: كأنه قال: ما قام إلا زيدٌ زيدٌ، وإنما أطلق اللفظ العام: القوم مراداً به: الخصوص، هذا فيه بُعد، فصح إبداله من المستثنى لكنه بدل كل.
وجاء قوله:
فَإنَّهُمُ يَرْجُونَ مِنْه شَفاعَةً ... إِذَا لم يَكُنْ إِلاَّ النَّبِيُّونَ شَافعُ
إذا لم يكن شافعٌ إلا النبيون: بالرفع على أنه بدل، -وهذا لا إشكال- بدل بعض من كل، فلما تقدم: إِلاَّ النَّبِيُّونَ على شَافعُ المستثنى منه حينئذٍ نقول: شَافعُ هذا بدل من النَّبِيُّونَ، إما أن يُقال: بأنه عام أريد به الخاص، وإما أن يقال: بأنه بدل على القلب، فيكون نبيون: هو بدل، وشافع: هو المبدل منه، على التقديم والتأخير.
إذاً: قوله وَغَيْرُ نَصْبِ سَابِقٍ: الذي هو الرفع، أو النصب، أو الخفض؛ لأنه يصدق عليه؛ لأن البدل قد يكون بالرفع، وقد يكون بالنصب، وقد يكون بالخفض، غير النصب يعني: على الاستثناء، وقد يكون منصوباً على التبعية، لو قال قائل: ما رأيت إلا زيداً القومَ، كم وجه في: إلا زيداً، هنا؟ في اللفظ ليس له إلا النصب؛ لأنك إذا أبدلته نصبته؛ لأن القومَ: منصوب، وإذا نصبته على الاستثناء نصبته إذاً، إذاً داخلٌ فيه أو لا؟ غَيْرُ نَصْبٍ يعني: على الاستثناء، ولا يمنع النصب على البدلية، وأما الرفع والخفض فهذا واضح.