يَجِبْ ... أَوِ اعْتَقِدْ إِضْمَارَ عَامِلٍ تُصِبْ: وَالنَّصْبُ على المعية إِنْ لَمْ يَجُزِ الْعَطْفُ لمانع معنوي أو لفظي يَجِبْ، يَجِبْ هذا خبر وَالنَّصْبُ، أَوِ قد يمتنع العطف والنصب على المعية، هذا وجه رابع، يمتنع الوجهان لا عطف، ولا نصب على المعية، اعْتَقِدْ إِضْمَارَ عَامِلٍ لائق بالمقام تُصِبْ: عَلَفْتُها تِبْناً وَمَاءً بارداً، عَلَفْتُها: فعل وفاعل (والهاء): مفعول أول، تِبْناً: مفعول ثاني، وَمَاءً: هذا لا يصح العطف، ولا يصح النصب على المعية، لماذا؟ لأن الماء لا يُعلف، لا يصح الماء أن يعلف، وإنما العشب هو الذي يعلف، علفتها تبناً وسقيتها ماءً، سقيتها ماءً اعْتَقِدْ إِضْمَارَ عَامِلٍ لا ئقٍ ملائم للمقام تُصِبْ، يعني تصب الحكم الصحيح، فحينئذٍ خرج عن كونه مفعولاً معه، وخرج عن كونه معطوفاً؛ لأنه هو يأتيك منصوب، فلا يمكن فيه النصب؛ لامتناع أن يكون الماءُ معلوفاً، وكذلك لا يصح النصب على المعية لما ذكرناه، إشارة إلى ما امتنع فيه العطف والنصب على المعية.
قال: وإن لم يمكن عطفه تعين النصب على المعية أو إضمار فعل يليق به، لكن المشهور أنه حتى على المعية في هذا التركيب لا يصح، ونص على ذلك ابن هشام في الأوضح.
عَلَفْتُها تِبْناً وَمَاءً بارداً: العطف ممتنع، قال ابن هشام في الأوضح: العطف ممتنع لانتفاء المشاركة، وماءٌ ينتفي أن يشارك تبناً، عَلَفْتُها تِبْناً وَمَاءً لا يصح المشاركة.
والنصب على المعية ممتنع كذلك لانتفاء المصاحبة في الأول، وانتفاء فائدة الإعلام بها في الثاني، هذا لأنه جمع بين مثالين: وزُجَّجْنَ الحوَاجبَ والعُيُونَا، يعني كحلن العيون لا بد من التقدير، فأُوِّل العامل المذكور بعامل يصح انصبابه عليهما، فأُوِّل عَلَفْتُها: أنلتها، لكن ليس هذا الذي رجحه ابن مالك -رحمه الله تعالى-، يعني يجوز أن يقال بالتضمين علفتها يعني أنلتها، وأنال هذا يشمل العشب -التبن- ويشمل الماء، حينئذٍ لا يختص بواحد منهما، بل يَنصَبُّ على الاثنين وهذا لا إشكال فيه، لكن يبقى المسألة في: هل يضمن الفعل معنى فعل آخر أو لا؟ المسألة خلافية. فأُوِّل عَلَفْتُها بـ أنلتها، وزُجَّجْنَ بزينا كما ذهب إليه المازني والمبرد وغيرهما.
أَوِ اعْتَقِدْ إِضْمَارَ عَامِلٍ ملائم لما بعد الواو ناصبٍ له تُصِبْ، أي وسقيتها ماءً، وكحلن العيونا، وهذا مذهب الفارسي والفراء، وهو الذي اختاره الناظم هنا رحمه الله تعالى.
إذاً: وَالنَّصْبُ إِنْ لَمْ يَجُزِ الْعَطْفُ لمانع معنوي أو لفظي يَجِبْ، أَوِ اعْتَقِدْ: هذا عطف على يجب، وهذا فيه مشكلة، وهي عطف الطلبي على الخبري، إما أن يقال: بأن الناظم يرى الجواز وإما من التأويل، إما أن يقال: بأن الناظم هنا قال: أَوِ اعْتَقِدْ، هذا أمر، يَجِبْ، حينئذٍ إما أن نؤول الأول أو نؤول الثاني.