لو عطفنا، عطفنا على الضمير قبل تأكيده، وهو مرجوح؛ لأن العطف على الضمير المتصل لا يقوى إلا مع الفصل، ولا فصل فالمختار النصب.

إذاً: وَالْعَطْفُ إنْ يُمْكِنْ بِلاَ ضَعْفٍ أَحَقْ .. وَالنَّصْبُ على المعية مُخْتَارٌ لَدَى ضَعْفِ النَّسَقْ، إما من جهة المعنى كما ذكرناه، وإما من جهة اللفظ.

وَالْعَطْفُ إنْ يُمْكِنْ بِلاَ ضَعْفٍ أَحَقُّ، قلنا: يعني أرجح من النصب على المعية؛ لأنه يقال: جاء زيدٌ وعمروٌ وجئت أنا وزيدٌ و ((اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ))؛ لعدم الخلاف في جوازه بخلاف النصب إذ قيل: سماعي، ولصيرورة العمدة في النصب فضلة، ولأن الأصل في الواو العطف، ومحل جواز الأمرين إذا اقصد المتكلم مطلق النسبة، فإن قصد التنصيص على المعية تعين النصب، وإن قصد عدم التنصيص عليها فبقاء الاحتمال تعين الرفع .. هذا استثناء مما سبق: وَالْعَطْفُ إنْ يُمْكِنْ بِلاَ ضَعْفٍ أَحَقُّ يعني إذا قصد المتكلم التنصيص على المعية حينئذٍ ترجح النصب، وإن قصد العطف ترجح العطف، وإن لم يقصد حينئذٍ هذا محل الترجيح، هذا محل الترجيح أنه إذا لم يتعين، محل جواز الأمرين إذا قصد المتكلم مطلق النسبة، يعني ما تدري ما مراده، هل مراده العطف أو مراده النصب على المعية؟

حينئذٍ تجوز الوجهين، أما إذا علمت بقرينه حالية بأنه يريد أن ما بعد (الواو) منصوب على المعية فالنصب أرجح، أو أنه معطوف فالرفع أرجح على الأصل، فإن قصد التنصيص على المعية تعين النصب، وإن قصد عدم التنصيص عليها وبقاء الاحتمال تعين الرفع، إذاً محل الجواز هنا إذا لم تدل قرينة على مراد المتكلم بإرادة واحد من الوجهين.

وَالنَّصْبُ إِنْ لَمْ يَجُزِ الْعَطْفُ يَجِبْ: هذا النوع الثالث ما يمتنع فيه العطف، وهذا نوعان: ما يتعين أن يكون مفعولاً معه، يعني يجب أن يكون مفعولاً معه، والثاني: ما يمتنع أن يكون مفعولاً معه.

وَالنَّصْبُ إِنْ لَمْ يَجُزِ الْعَطْفُ يَجِبْ، متى لا يجوز؟

لمانع، ثم المانع هذا -في كل الأحوال- إما أن يكون لفظياً، وإما أن يكون معنوياً، يعني إذا فسد المعنى بالعطف حينئذٍ رجعنا إلى النصب، وإذا فسد المعنى بالنصب رجعنا إلى العطف، فهو مُراعى، فساد المعنى لا بد من اعتباره، وكذلك إذا امتنع العطف رجعنا إلى النصب، وإذا امتنع النصب رجعنا إلى الرفع، فالمُحكَّم هنا المعنى والقواعد العامة الاصطلاحية عند النحاة.

وَالنَّصْبُ إِنْ لَمْ يَجُزِ الْعَطْفُ لمانع معنوي أو لفظي، المانع المعنوي مثل (سرتُ والنيلَ) ما حكم نصبه على المفعولية هل يجوز العطف؟ لا يجوز، لماذا؟

النيل لا يسير، إذاً لا يوصف ما بعد (الواو) بما دل عليه الفعل، بمعنى أنه لا يشارك ما قبله في الفعل، (سرتُ والنيلَ) أنا الذي أسير، والسير وصفٌ لي، والنيل؟ لا يسير، إذاً لا يمكن العطف، فحينئذٍ نقول: يتعين النصب سرت والنيلَ هذا واجب النصب، مشيتُ والحائطَ .. هل نقول الحائطُ يمشي؟ لا يصح، ومات زيدٌ وطلوعَ الشمسِ، لو عطفت فسد المعنى، مات زيدٌ وطلوعُ الشمس، طلوع الشمس مات؟ لا يصح؛ لأن العطف على نية تكرار العامل، فيوصف ما بعد (الواو) بما قبلها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015