والعطف أحق، يعني وأرجح من النصب على المعية، نحو جاء زيدٌ وعمروٌ، قلنا: جاء زيدٌ وعمروٌ، يحتمل أن (الواو) هنا يراد بها مجرد العطف، ويحتمل أن يراد بها المعية، حينئذٍ نقول يجوز فيه الوجهان، جاء زيدٌ وعمراً، جاء: فعل ماضي، وزيد: فاعل، (الواو): واو المعية، عمراً: مفعول معه، هذا جائز، جاء زيدٌ وعمروٌ، زيد: فاعل، الواو حرف عطف، وعمرو معطوف على ما سبق، خرج عن المعية، أيهما أرجح؟ جاء زيد وعمرو، لماذا؟

لأنه أمكن العطف دون ضعف في المعنى ولا في اللفظ، لو عطفناه: جاء زيدٌ وعمرو هل خالفنا نصاً أو قاعدة نحوية أو أصلا مطرداً؟

لا، لم نخالف شيئاً، ولم نقع في خلاف، بل هذا هو الأصل، فحينئذٍ نقول: الأصل العطف، والنصب هذا فرعٌ، وجئت أنا وزيد .. جئت أنا وزيداً، العطف أرجح، هل يجوز النصب وزيداً؟ يجوز لماذا رجحنا العطف؟

للقاعدة: وَالْعَطْفُ إنْ يُمْكِنْ بِلاَ ضَعْفٍ، هل يفسد المعنى لو عطفنا: جئت أنا وزيدٌ؟ لا يفسد المعنى، هل خالفنا قاعدة؟

لم نخالف قاعدة، لو قال: جئتُ وزيدا .. وزيدٌ .. ً ما جاء بـ (أنا)، جئتُ (أنا)، أنا تأكيد وزيداً .. وزيدٌ، قلنا: وزيدٌ أرجح من وزيداً، طيب جئت وزيداً؟ نقول: هنا النصب أرجح، لماذا؟

لأننا لو عطفنا لعطفنا على الضمير المرفوع المتصل دون تأكيده، وهذا سيأتي أنه خلاف ما عليه الجمهور، لو قلت: جئت وزيداً، هذا الأرجح، لماذا تركنا العطف وصار مرجوحاً؟

لأننا لو رفعنا قلت: جئت وزيدٌ، زيدٌ صار معطوفاً على (التاء)، إذاً خالفنا قاعدة وهو أنه لا يعطف على الضمير المرفوع المتصل إلا بعد تأكيده، جئت أنا وزيدٌ، جاز.

إذاً: جئت أنا وزيد أرجح من جئت أنا وزيداً، لماذا؟

لصحة المعنى أولاً، وليس فيه خلاف -فساد معنى-، ثم لم نخالف قاعدة، بخلاف فيما لو لم يُؤكَّد الضمير المرفوع المتصل، جئتُ أنا وزيدٌ، ((اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ)) [البقرة:35] وَزَوْجُكَ .. وَزَوْجَكَ، يجوز فيه الوجهان، ((اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ)) لو قال: اسكن وزوجُكَ النصب أرجح؛ لأننا لو رفعنا، رفعنا على ضمير مستتر قبل تأكيده، -ضمير مستتر وهو متصل- قبل تأكيده، ((اسْكُنْ أَنْتَ)) أكَّدنَاه ((وَزَوْجُكَ)) أكَّدنَاه ((وَزَوْجَكَ)) جاز الوجهان والرفع أرجح لعدم فساد المعنى ولعدم مخالفة قاعدة نحوية، وأما: اسْكُنْ وَزَوْجُكَ خالفنا، فالنصب أرجح من الرفع.

برفع ما بعد (الواو) على العطف لأنه الأصل، -الأصل في هذه الأمثلة كلها-؛ لأنها الأصل، وقد أمكن بلا ضعف ويجوز النصب على المعية هنا.

إذاً الضابط في هذا القسم، وهو ترجيح العطف على النصب على المعية مع جواز النصب على المعية، أنه متى ما أمكن العطف دون وقوع في فساد في المعنى، أو مخالفة أصل نحوي، ولو باعتبار المخالف، نقول: الرفع أرجح، متى؟

إذا أمكن العطف دون ضعف، وهذا الضعف موجه إلى جهتين، إما في المعنى وإما في اللفظ، والمراد باللفظ مخالفة الصناعة الإعرابية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015