لأن مضارعه يجزم بحذف النون، فالأمر منه يكون مبنياً على حذف النون، تسيرين مثل تضربين، تضربين هذا يجزم بحذف النون، والقاعدة -وإن كان فيها بعض النظر- أن فعل الأمر مبني على ما يجزم به مضارعه لو كان معرباً، سِيرِي إذاً فعل أمر مبني على حذف النون، (والياء): ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
وَالطَّرِيقَ: (الواو) هذه واو المعية، الطَّرِيقَ هذا اسم فضلة وقع بعد (واو) هي نص في المعية، مسبوق بفعلٍ: سيري، إذاً نقول: هو مفعول معه.
مُسْرِعَهْ: هذا حال من فاعل سِيرِي، سِيرِي هذا مثال للفعل، ومثله أنا سائرٌ والنيلَ، وأعجبني سيرُك والنيلَ.
قال:
بِمَا مِنَ الْفِعْلِ وَشِبْهِهِ سَبَقْ ... ذَا النَّصْبُ
ذَا: مبتدأ اسم إشارة، النَّصْبُ بدل أو عطف بيان أو نعت، يجوز فيه ثلاثة أوجه، ذَا النَّصْبُ كائن بِمَا سَبَقْ مِنَ الْفِعْلِ وَشِبْهِهِ، ذا النصب كائن بما سبق؛ لأن بِمَا هذا جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، بالذي سبق هذا صلة ما، مِنَ الْفِعْلِ وَشِبْهِهِ هذا متعلق بقوله سَبَقْ، وهذا ما قررناه في الحد: مسبوقة بفعل أو ما فيه معنى الفعل وحروفه.
بِمَا مِنَ الْفِعْلِ: هنا أطلق الفعل فيشمل الفعل الظاهر والمقدر والمتعدي واللازم، والمتعدي، لماذا نصَّ على المتعدي؟
لأن المفعول معه كالمفعول لأجله وغيره، لا يشترط في نصبه أن يكون بفعل متعدي، بل خصه بعضهم بالعكس، خص المفعول معه بأنه لا ينصب إلا باللازم، ولذلك النحاة في مثل هذه المواضع يقولون: ينصب بالفعل المتعدي على الصحيح، غريب هذا على الصحيح، لماذا؟
لأن هناك من ينازع فيقول لا، لا ينصب إلا بالفعل اللازم، فحينئذٍ الصحيح أن الفعل المتعدي كاللازم، إذاً الظاهر والمقدر والمتعدي على الصحيح خلافاً لمن شرط اللزوم، لماذا شرط الزوم؟
لئلا يلتبس بالمفعول به؛ لأنه لو نصبه المتعدي التبس بالمفعول به، هذا غريب، كيف التبس بالمفعول به! ونحن نقول شرطه بعد (الواو)، هذا غريب! لئلا يلتبس بالمفعول به، والناقص ككان بناءً على أنها مشتقة، وأنها تدل على الحدث.
إذاً كان تنصب المفعول معه، إذاً: بِمَا مِنَ الْفِعْلِ مطلقاً سواء كان لازماً أو متعدياً على الصحيح، وسواء كان تاماً أو ناقصاً، فكان ترفع المبتدأ وتنصب الخبر وتنصب المفعول معه كذلك، سواء كان الفعل ظاهراً ملفوظاً به أو مقدراً، وإنما (الواو) هي التي لا يجوز حذفها، وَشِبْهِهِ: يعني مثله، وشبه الفعل المراد به ما فيه رائحة الفعل، هذا الأصل، ولكن هنا زِيدَ عليه أن يكون فيه حروفه، وهذا المقام يكاد يكون مستثنى، وإلا الأصل أن ما فيه رائحة الفعل -معنى الفعل-، يعمل عمل الفعل، وهنا زيد عليه قيد وهو أن يكون فيه حروف الفعل؛ لأنه أقوى، والمراد به اسم الفاعل واسم المفعول والمصدر، شِبْهِهِ المراد به اسم الفاعل واسم المفعول والمصدر
سَبَقْ هذا قلنا هذا صلة (ما)، حينئذٍ نأخذ منه أنه لا يجوز أن يتقدم المفعول معه على عامله، وهذا محل وفاق؛ لأنه قال: ذا النصب بما سبق من الفعل.