حينئذٍ نقول: المستكمل للشروط من المفعول له لا يخرج عن هذه الأحوال الثلاثة، وإذا جوزنا دخول حرف التعليل عليه، حينئذٍ في لسان العرب بالنظر إليه، دخول لام التعليل على هذه الأنواع الثلاثة ليست في مرتبة واحدة، بل دخولها على المجرد قليل، والكثير نصبه دون دخول (اللام) عليه، والمحلى بـ (أل) دخولها عليه كثير، وتجريدها عنه قليل، والمضاف لم يذكره الناظم فدل على أنه مستوي الطرفين، يعني لا يرجح فيه دخول (اللام) أو عدمه، وهذا بالنظر للاستقراء، وأكثر النحاة على هذا؛ أنه إذا كان مجرداً فحينئذٍ نصبه أكثر من جره باللام، وإذا كان محلىً بـ (أل) فجره بـ (اللام) أكثر من نصبه، يعني: إذا جئت به مجرداً من (أل) حينئذٍ أيهما أفصح -كلاهما فصيح-، لكن أيهما أفصح؟ أن تدخل عليه (اللام) أو تتركه كما هو منصوباً؟ لأنه يجوز هذا ويجوز ذاك، أيهما أولى وأفصح وأقرب إلى سعة اللسان العربي؟ أن تجرده من (اللام) فتقول: ضربت ابني تأديباً، أفصح من لتأديبٍ مع جواز الوجهين، والحكم بفصاحة الوجهين كذلك، إلا أن أحدهما أفصح من الآخر، فإذا قلت: ضربت ابني التأديب بـ (أل) حينئذٍ للتأديب أفصح من التأديب فحسب هكذا، لماذا؟ لأن ما وافق الأكثر هو الأفصح، ولذلك سبق معنا أن القياس المطرد في لسان العرب هو الذي يُقَعَّد عليه، وهو الذي يحكم عليه بكونه أفصح أو فصيح، لكن ما لم يكن مطرداً ينظر فيه يعني يوقف معه، هل هو نادر؟ هل هو قليل؟ هل ندورته تخالف الأصل العام؟ ينظر فيه على حسب حاله، وأما الأصل فهو المطرد العام يكون.
وَقَلَّ قليل، أَنْ يَصْحَبَهَا الْمُجَرَّدُ: الْمُجَرَّدُ هذا فاعل يَصْحَب، قَلَّ الْمُجَرَّدُ أَنْ يَصْحَبَهَا الضمير يعود إلى اللام أو الحرف لتأويل الكلمة؛ لأن (الهاء) هنا مؤنث، مرجعه لابد أن يكون مؤنثاً، و (اللام) هنا كالأصل إذا قلنا: الحرف مذكر هذا إلا باعتبار كونه كلمة، الحرف كلمة، كما أن الاسم كلمة، والفعل كلمة، حينئذٍ نقول: بتأويل الحرف بكونه كلمة، أرجع الضمير إليه مؤنثاً، وهذا لا إشكال فيه، لكن لو قيل: فَاجْرُرْهُ بـ (اللام) وما يقوم مقامه هذا أحسن، بعضهم يرى أنه لو رجح بالحرف أولى ليعم (من) و (الباء) و (في)، نقول: كذلك يعم غيرها فيحدث في لبس وإيهام؛ لأنه قال: فَاجْرُرْهُ بِالْحَرْفِ ولم يقيده بكونه حرف تعليل، إذاً حروف الجر كلها دخلت ففيه إيهام أيضاً، حينئذٍ نقول: فَاجْرُرْهُ بـ (اللام) أرجح من هذه الجهة كونه خاصاً، وذكر الأصل والإحالة على الفرع هذا مستقيم، كما يقال: فارفعه بالفعل مثلاً، قد يرفع بالوصف قد يرفع بالمصدر، هذا لا ينفي، وإنما يذكر الأصل، ويحال على الفرع، وهنا ذُكر الأصل فَاجْرُرْهُ بـ (اللام) وأحيل على الفرع، هذا لا إشكال، ويرجحه كذلك أنه إذا قلنا: فَاجْرُرْهُ بِالْحَرْفِ نقول: هذا لم يقيده بكونه حرف التعليل فيختص بالأربعة الأحرف، وإنما أطلقه، وإذا أطلقه فحينئذٍ نقول: هذا فيه إشكال.